للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ، لِأَنَّ أَحَدًا لَا يَمْلِكُ بِيَمِينِ غَيْرِهِ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ هُوَ الْمُقْسِمَ، لَمْ يُحْكَمْ لَهُ بِحَقِّهِ مِنَ الدِّيَةِ، إِلَّا بَعْدَ خَمْسِينَ يَمِينًا. فَإِنْ قِيلَ: فَكَيْفَ يُقْسِمُ وَهُوَ يَأْخُذُ دِيَةَ طَرَفٍ وَلَا قَسَامَةَ فِي الْأَطْرَافِ، قِيلَ قَدْ صَارَ الطَّرَفُ بِالسِّرَايَةِ نَفْسًا فَصَارَ مُشَارِكًا فِي دِيَةِ النَّفْسَ وَإِنْ تَقَدَّرَ حَقُّهُ بِأَرْشِ الطَّرَفِ فَلِذَلِكَ جَازَ أَنْ يُقْسِمَ. فَإِنْ أَجَابَ الْوَارِثُ إِلَى الْقَسَامَةِ فَفِي قَدْرِ مَا يُقْسِمُ بِهِ مِنَ الْأَيْمَانِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: خَمْسُونَ يَمِينًا.

وَالثَّانِي: يُقْسِمُ بِقَدْرِ حَقِّهِ مِنَ الدِّيَةِ فَإِنْ كَانَ لَهُ نِصْفُهَا حَلَفَ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ يَمِينًا وَإِنْ كَانَ لَهُ ثُلُثُهَا حلف سبعة عشرة يميناً.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَا تَجِبُ الْقَسَامَةُ فِي دُونِ النَفْسِ) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ قَسَامَةٌ سَوَاءٌ كَانَ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ كَاللِّسَانِ وَالذَّكَرِ أَوْ كَانَ دُونَهَا لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: لِتَغْلِيظِ حُرْمَةِ النَّفْسِ عَلَى مَا دُونَهَا وَلِذَلِكَ تَغَلَّظَتْ بِالْكَفَّارَةِ فَتَغَلَّظَتْ بِالْقَسَامَةِ.

وَالثَّانِي: إِنَّ الْقَسَامَةَ وَجَبَتْ لِلْوَرَثَةِ لِقُصُورِهِمْ عَنْ مَعْرِفَةِ الْقَاتِلِ وَتَعَذُّرِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِمْ فَحُكِمَ لَهُمْ بِالْقَسَامَةِ مَعَ اللَّوْثِ احْتِيَاطًا لِلدِّمَاءِ وَفِيمَا دُونَ النَّفْسِ يَعَرِفُ الْمَجْنِي عَلَيْهِ مَنْ جَنَى عَلَيْهِ وَيَقْدِرُ عَلَى إِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ فَلَمْ يُحْكَمْ لَهُ بِالْقَسَامَةِ لِاسْتِغْنَائِهِ فِي الْغَالِبِ عَنْهَا.

(مَسْأَلَةٌ)

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ لَمْ يُقْسِمِ الْوَلِيُّ حَتَّى ارْتَدَّ فَأَقْسَمَ وُقِفَتِ الدِّيَةُ فَإِنْ رَجَعَ أَخَذَهَا وَإِنْ قُتِلَ كَانَتْ فَيْئًا) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ. وَإِذَا ارْتَدَّ الْوَلِيُّ فِي الْقَسَامَةِ لَمْ تَخْلُ رِدَّتُهُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ رِدَّتُهُ قَبْلَ مَوْتِ الْقَتِيلِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُقْسِمَ وَلَا لَهُ إِنْ أَسْلَمَ بَعْدَ مَوْتِهِ أَنْ يقسم؛ لأن ردته بعد م وته تَمْنَعُهُ مِنَ الْمِيرَاثِ وَلَا يَصِيرُ وَارِثًا بِإِسْلَامِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَلَا تَصِحُّ الْقَسَامَةُ إِلَّا مِنْ وارث فإن لم يكن للمقتول وارثاً سِوَاهُ فَلَا قَسَامَةَ وَيَصِيرُ دَمُهُ هَدَرًا. وَإِنْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ غَيْرُهُ قَامَ مَقَامَهُ وَأَقْسَمَ.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَرْتَدَّ بَعْدَ مَوْتِ الْقَتِيلِ وَبَعْدَ قَسَامَتِهِ فَقَدْ وَجَبَتِ الدِّيَةُ بِقَسَامَتِهِ وَتَكُونُ مَوْقُوفَةً عَلَى مَا يَكُونُ مِنْ حَالِ رِدَّتِهِ فَإِنْ عَادَ إِلَى الْإِسْلَامِ دُفِعَتْ إِلَيْهِ وَإِنْ مَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ كَانَتِ الدِّيَةُ مَعَ جَمِيعِ مَالِهِ فَيْئًا فِي بَيْتِ الْمَالِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>