للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ: الْقَوْلُ فِي تَزَوُّجِ الذِّمِّيِّ الذِّمِّيَّةَ عَلَى تعليم التوراة والإنجيل

إذا تزوج الذمي عَلَى أَنْ يُعَلِّمَهَا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ، كَانَ صَدَاقًا فَاسِدًا، لِأَنَّهُمَا قَدْ غَيَّرَا وَبَدَّلَا فَإِنْ تَحَاكَمَا إِلَيْنَا قَبْلَ التَّعْلِيمِ أَبْطَلْنَاهُ، وَإِنْ تَحَاكَمَا بَعْدَ التَّعْلِيمِ أَمْضَيْنَاهُ كَمَا لَوْ أَصْدَقَهَا خَمْرًا أَوْ خنزيراً فتقابضاه.

القول في تزويج المسلم الذمية على تعليم التوراة أو الإنجيل

وَلَوْ تَزَوَّجَ مُسْلِمٌ ذِمِّيَّةً عَلَى تَعْلِيمِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ، أَبْطَلْنَاهُ قَبْلَ التَّعْلِيمِ وَبَعْدَهُ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ: أَنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ يَرَوْنَهُ جَائِزًا فَأَمْضَى مِنْهُ مَا تَقَابَضَاهُ، وَنَحْنُ نَرَاهُ بَاطِلًا فَأَبْطَلْنَاهُ وَإِنْ تَقَابَضَاهُ.

فَصْلٌ: الْقَوْلُ فِي التَّزَوُّجِ عَلَى تَعْلِيمِ الشِّعْرِ

وَإِذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى تَعْلِيمِ الشِّعْرِ: فَإِنْ كَانَ الشِّعْرُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ لَمْ يَجُزْ وَكَانَ صَدَاقًا فَاسِدًا لِلْجَهَالَةِ بِهِ، وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا نُظِرَ: فَإِنْ كَانَ هِجَاءً وَفُحْشًا لَمْ يَجُزْ وَكَانَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ، وَإِنْ كَانَ زُهْدًا وَحِكَمًا وَأَمْثَالًا وَأَدَبًا جَازَ أَنْ يَكُونَ صَدَاقًا.

حُكِيَ أَنَّ الْمُزَنِيَّ سُئِلَ عَنْ تَعْلِيمِ الشِّعْرِ أَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صَدَاقًا.

فَقَالَ إِنْ كَانَ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ:

(يَوَدُّ الْمَرْءُ أَنْ يُعْطَى مُنَاهُ ... وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا مَا أَرَادَ)

(يَقُولُ الْمَرْءُ فَائِدَتِي وَمَالِي ... وَتَقْوَى اللَّهِ أَفْضَلُ مَا اسْتَفَادَا)

وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ لَحِكْمَةً وَإِنَّ مِنَ الْبَيَانَ لَسِحْرًا " جَازَ أَنْ يَكُونَ صَدَاقًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[مسألة]

قال الشافعي: " أَوْ يَأْتِيهَا بِعَبْدِهَا الْآبِقِ فَعَلَّمَهَا أَوْ جَاءَهَا بِالْآبِقِ ".

الْقَوْلُ فِي التَّزْوِيجِ عَلَى مَنَافِعِ الْعَبْدِ وَالْحُرِّ

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَنَافِعُ الْعَبْدِ وَالْحُرِّ صَدَاقًا لِزَوْجَتِهِ، مِثْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ يَخْدِمَهَا شَهْرًا، أَوْ يَبْنِيَ لَهَا دَارًا، أَوْ يَخِيطَ لَهَا ثَوْبًا، أَوْ يَرْعَى لَهَا غَنَمًا.

وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَنَافِعُ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ صَدَاقًا.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَنَافِعُ الْعَبْدِ صَدَاقًا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَنَافِعُ الْحُرِّ صَدَاقًا.

اسْتِدْلَالًا بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَأَحَلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ) {النساء: ٢٤) وليس هذا مال فَيَصِحُّ ابْتِذَالُ النِّكَاحِ بِهِ، وَلِأَنَّ تَسْلِيمَ الْمَنْفَعَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>