[(باب جامع التيمم والعذر فيه)]
(قال الشافعي) : " وَلَيْسَ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَتَيَمَّمَ إِلَّا بَعْدَ دُخُولِ وقت الصلاة وإعواز الماء بعد طلبه وللمسافر أن يتيمم ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِهَذَا الْبَابِ بَيَانُ شُرُوطِ التَّيَمُّمِ الَّتِي لَا يَجُوزُ إِلَّا مَعَهَا فَالْبَابُ الْأَوَّلُ بَيَانُ فَرْضِ التَّيَمُّمِ الَّتِي لَا يَصِحُّ إِلَّا بِهَا. فَأَمَّا شُرُوطُ التَّيَمُّمِ فَقَدْ أَبَاحَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي حَالَيْنِ هُمَا: السَّفَرُ وَالْمَرَضُ، قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ) {المائدة: ٦) إِلَى قَوْلِهِ: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً} فَأَمَّا السَّفَرُ فَلِصِحَّةِ التَّيَمُّمِ فِيهِ شَرْطَانِ:
أَحَدُهُمَا: دُخُولُ وَقْتِ الصَّلَاةِ الَّتِي يُرِيدُ أَنْ يَتَيَمَّمَ لَهَا.
وَالثَّانِي: عَدَمُ الْمَاءِ بَعْدَ طَلَبِهِ.
فَأَمَّا دُخُولُ الْوَقْتِ فَهُوَ شَرْطٌ فِي التَّيَمُّمِ لِصَلَاةِ الْوَقْتِ، فَأَمَّا الصَّلَاةُ الْفَائِتَةُ وَالنَّافِلَةُ فَلَيْسَ الْوَقْتُ شَرْطًا فِي التَّيَمُّمِ لَهَا، وَإِنَّمَا إِرَادَةُ فِعْلِهَا شَرْطٌ فِي التَّيَمُّمِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَيَمَّمَ لفرض مؤقت يؤديه لم يجز أن يتيمم في وقته قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ فَإِنْ تَيَمَّمَ أَعَادَ، وَقَالَ أبو حنيفة: يَجُوزُ أَنْ يَتَيَمَّمَ لِلصَّلَاةِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا اسْتِدْلَالًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} (المائدة: ٦) فَأَمَرَ بِالتَّيَمُّمِ قَبْلَ الْوَقْتِ الذي هو مأمور باستعمال الماء فيه، فما كَانَ مُسْتَعْمَلًا قَبْلَ الْوَقْتِ جَازَ أَنْ يَتَيَمَّمَ قَبْلَ الْوَقْتِ وَرُبَّمَا حَرَّرُوا هَذَا الِاسْتِدْلَالَ مِنَ الْآيَةِ قِيَاسًا فَقَالُوا: كُلُّ وَقْتٍ جَازَ فِيهِ الْوُضُوءُ جَازَ فِيهِ التَّيَمُّمَ قِيَاسًا عَلَى دُخُولِ الْوَقْتِ، قَالُوا: وَلِأَنَّهَا طَهَارَةٌ يَجُوزُ فِعْلُهَا بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ فَجَازَ فِعْلُهَا قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ كَالْوُضُوءِ، قَالُوا: وَلِأَنَّ مَا صَحَّ مِنَ التَّيَمُّمِ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ صَحَّ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ كالمتيمم لفائتة وَالنَّفْلِ. وَدَلِيلُنَا قَوْله تَعَالَى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) {المائدة: ٦) إِلَى قَوْلِهِ: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} فَاقْتَضَى الظَّاهِرُ الْمَنْعَ مِنَ الْوُضُوءِ وَالتَّيَمُّمِ إِلَّا عند القيام
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute