للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَإِنْ أَقَامَ الشَّاهِدَ الْآخَرَ حُكِمَ لَهُ بِالْعِتْقِ، وَإِنْ لَمْ يُقِمْهُ أُحْلِفَ السَّيِّدَ عَلَى إِنْكَارِ الْعِتْقِ، وَأُعِيدَ الْعَبْدُ إِلَى يَدِهِ عَلَى الرِّقِّ، وَإِنْ كَانَ الشَّاهِدُ الَّذِي أَقَامَهُ مَجْهُولَ الْعَدَالَةِ فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ فِي جَوَازِ الْإِحَالَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يُحَالُ بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ كَانَ الشَّاهِدُ عَدْلًا اعْتِبَارًا بِعَدَالَةِ ظَاهِرِهِ.

وَالْوَجْهُ القاني: أَنْ لَا يُحَالَ، لِأَنَّ الْبَاقِيَ مِنَ الْعَدَالَةِ وَالْعَدَدِ أَكْثَرُ مِنَ الْمَاضِي فَيَسْقُطُ بِاعْتِبَارِ الْأَقَلِّ.

(فَصْلٌ)

: وَلَوْ كَانَتِ الدَّعْوَى فِي حَقِّ أَيْتَامٍ فَأَقَامَ مُدَّعِيهِ شَاهِدًا وَاحِدًا وَسَأَلَ حَبْسَ خَصْمِهِ عَلَى إِقَامَةِ شَاهِدٍ آخَرَ، فَإِنْ كَانَ الْحَقُّ مِمَّا لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِشَاهِدَيْنِ كَالْقِصَاصِ وَالنِّكَاحِ، فَفِي جَوَازِ حَبْسِهِ عَلَى إِقَامَةِ الشَّاهِدِ الْآخَرِ قَوْلَانِ كَمَا ذَكَرْنَا فِي دَعْوَى الْعِتْقِ.

أَحَدُهُمَا: لَا يُحْبَسُ بِهِ.

وَالثَّانِي: يُحْبَسُ إِلَى مُدَّةِ ثلاث أَيَّامٍ ثُمَّ يُطْلَقُ إِنْ لَمْ يُقِمِ الْآخَرَ.

وإن كان الحق ما يَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي حَبْسِ الْخَصْمِ فِيهِ بِالشَّاهِدِ الْوَاحِدِ:

فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى جَوَازِهِ قَوْلًا وَاحِدًا، لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَهُ وَيَسْتَحِقَّ، وَذَهَبَ آخَرُونَ مِنْهُمْ إِلَى أَنَّهُ عَلَى قَوْلَيْنِ أَيْضًا كَغَيْرِهِ، لِأَنَّه لَوْ أَرَادَ الْيَمِينَ لِعَجَّلَهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(فَصْلٌ)

: وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِزَيْدٍ، وَشَهِدَ شَاهِدٌ وَاحِدٌ أَنَّهُ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِعَمْرٍو، وَلْيَحْلِفْ مَعَهُ عَمْرٌو، فَالشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ بَيِّنَةٌ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْمَالِ، فَإِذَا قَابَلَتَ شَاهِدَيْنِ فَفِي مُزَاحَمَتِهِمَا لَهُ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: يُزَاحِمُهُمَا، لِأَنَّها بَيِّنَةٌ فِي إِثْبَاتِ الْوَصِيَّةِ كَالشَّاهِدَيْنِ، وَيَكُونُ الثُّلُثُ بَيْنِ عَمْرٍو وَزَيْدٍ نِصْفَيْنِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: إِنَّ الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ لَا يُزَاحِمُ الشَّاهِدَيْنِ لِكَمَالِ الشَّاهِدَيْنِ وَقُصُورِ الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ.

وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدُ عَمْرٍو أَنَّهُ رَجَعَ عَنِ الْوَصِيَّةِ لِزَيْدٍ، وَأَوْصَى بِثُلُثِهِ لِعَمْرٍو وَحَلَفَ مَعَهُ عَمْرٌو، صَحَّ الرُّجُوعُ وَالْوَصِيَّةُ لِعَمْرٍو بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ قَوْلًا وَاحِدًا، لِأَنَّه لَيْسَ فِي الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ هَاهُنَا مُزَاحَمَةٌ لِلشَّاهِدَيْنِ، وَإِنَّمَا هِيَ بَيِّنَةٌ بِرُجُوعٍ لَمْ يَتَضَمَّنْهُ شَهَادَةُ الشَّاهِدَيْنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>