للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(كِتَابُ الضَّمَانِ)

تَحَرَّيْتُ فِيهِ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ وَقِيَاسَ قوله: -

[(مسألة)]

قال المزني: " قال الله جل ثناؤه {قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: ٧٢] وَقَالَ عز وجل {سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ} [القلم: ٤٠] وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ " وَالزَّعِيمُ غَارِمٌ " وَالزَّعِيمُ فِي اللُّغَةِ هو الكفيل وروي عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي جِنَازَةٍ فَلَمَّا وُضِعَتْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " هل على صاحبكم من دين "؟ فقالوا نَعَمْ دِرْهَمَانِ قَالَ " صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ " فَقَالَ علي رضوان الله عليه هُمَا عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَنَا لَهُمَا ضَامِنٌ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فصلى عليه ثم أقبل على علي رضي الله عنه فَقَالَ " جَزَاكَ اللَّهُ عَنِ الْإِسْلَامِ خَيْرًا وَفَكَّ رهانك كما فككت رهان أخيك " (قال المزني) قلت أنا وفي ذلك دليل أن الدين الذي كان على الميت لزم غيره بأن ضمنه وروى الشافعي في قسم الصدقات أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال " لا تحل الصدقة لغني إلا لثلاثة " ذكر منها رجلا تحمل بحمالة فحلت الصدقة (قلت أنا) فكانت الصدقة محرمة قبل الحمالة فلما تحمل لزمه الغرم بالحمالة فخرج من معناه الأول إلى أن حلت له الصدقة ".

قال الماوردي: أما الضمان فهو أخذ الوثاق فِي الْأَمْوَالِ، لِأَنَّ الْوَثَائِقَ ثَلَاثَةٌ: الشَّهَادَةُ وَالرَّهْنُ وَالضَّمَانُ.

وَالدَّلِيلُ عَلَى جَوَازِ الضَّمَانِ وَصِحَّتِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، فَأَمَّا الْكِتَابُ، فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: ٧٢] فَإِنْ قِيلَ: فَالِاسْتِدْلَالُ بِهَذِهِ الْآيَةِ لَا يَصِحُّ مِنْ وُجُوهٍ ثَلَاثَةٍ: -

<<  <  ج: ص:  >  >>