وَإِنْ كَانَ الْمُقْتَسِمُونَ قَدْ دُعُوا إِلَيْهَا، فَفِي وُجُوبِ الْأُجْرَةِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ لَا أُجْرَةَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ بذَل عَملَهُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِ الْمُزَنِيِّ، لَهُ الْأُجْرَةُ؛ لِأَنَّهُمُ اسْتَهْلَكُوا عَمَلَهُ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ.
وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنْ يَعْتَبِرَ حَالَ الْقَاسِمِ، فَإِنْ جَرَتْ عَادَتُهُ بِأَخْذِ الْأُجْرَةِ اسْتَحَقَّهَا وَإِنْ لَمْ تَجْرِ عَادَتُهُ بِأَخْذِهَا لَمْ يَسْتَحِقَّهَا، لِأَنَّ الْعُرْفَ فِي حَقِّهِمَا كَالشَّرْطِ.
فَإِذَا وَجَبَتِ الْأُجْرَةُ، وَكَانَ الْقَاسِمُ واحدا أخذها، إن كانا اثنين، فلهما في الأجرة ثلاثة أَحْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَسْتَحِقَّا أُجْرَةَ الْمِثْلِ، فَيَجِبُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أُجْرَةُ مِثْلِهِ.
وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أُجْرَةٌ مُسَمَّاةٌ، فَيَخْتَصُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأُجْرَتِهِ، قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ، سَوَاءٌ تَسَاوَيَا فِيهَا أَوْ تَفَاضَلَا.
وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يُسَمِّيَ لَهُمَا أُجْرَةً وَاحِدَةً فَلَيْسَ عَلَى الْمُقْتَسِمَيْنِ غَيْرُهَا.
وَفِي اقْتِسَامِهِمَا بِهَا وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَقْتَسِمَانِهَا نِصْفَيْنِ اعْتِبَارًا بِالْعَدَدِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَقْتَسِمَانِهَا عَلَى قَدْرِ أُجُورِ أَمْثَالِهِمَا اعْتِبَارًا بِالْعَمَلِ.
(هل أجرة القسام على عدد الرؤوس أو على عدد الأسهم) .
[(مسألة)]
: قال الشافعي: " فَإِنْ سَمَّوْا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ فِي نَصِيبِهِ شَيْئًا مَعْلُومًا فَجَائِزٌ وَإِنْ سَمَّوْهُ عَلَى الْكُلِّ فَعَلَى قَدْرِ الْأَنْصِبَاءِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهُوَ كَمَا قَالَ: إِذَا اسْتَأْجَرَ الْمُقْتَسِمُونَ الْقَاسِمَ بِأُجْرَةٍ مُسَمَّاةٍ فَلَهُمْ فِيهَا حَالَتَانِ:
إِحْدَاهُمَا: أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي حَقِّهِ خَاصَّةً دُونَ شُرَكَائِهِ، فَهَذَا جَائِزٌ وَيَخْتَصُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي حَقِّهِ بِالْتِزَامِ مَا سَمَّى، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَتَسَاوَوْا فِيهِ أَوْ يَتَفَاضَلُوا.
وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَجْتَمِعُوا عَلَى اسْتِئْجَارِهِ بِأُجْرَةٍ وَاحِدَةٍ فَهَذَا جَائِزٌ وَهُوَ أَوْلَى، لِتَنْتَفِيَ التُّهْمَةُ عَنْهُمْ فِي التَّفْضِيلِ وَالْمُمَايَلَةِ وَتَكُونُ الْأُجْرَةُ مُقَسَّطَةً بَيْنَهُمْ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ عَلَى قَدْرِ الْأَنْصِبَاءِ وَالسِّهَامِ وَلَا يُقَسِّطُ عَلَى أَعْدَادِ الرُّؤُوسِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُقَسِّطُ عَلَى أَعْدَادِ رُؤُوسِهِمْ يَسْتَوِي فِيهَا مَنْ قَلَّ نصيبه وكثر.