للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَتِمَّ الْقَبْضُ وَلَمْ يَصِرْ مَضْمُونًا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ يَدِ بَائِعِهِ، ثُمَّ لَا يَصِحُّ هَذَا الْقَبْضُ إِلَّا بِحُضُورِ الْبَائِعِ كَيْلَهُ أَوْ حُضُورِ وَكِيلِهِ فِيهِ وَحُضُورِ الْمُشْتَرِي لِاكْتِيَالِهِ أَوْ حُضُورِ وَكِيلِهِ فِيهِ وَحُضُورِ الْمُشْتَرِي سَوَاءٌ تَقَابَضَا الثَّمَنَ أَمْ لَا فَلَوْ أَذِنَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَكْتَالَهُ لِنَفْسِهِ لَمْ يَصِحَّ إِلَّا أن يكون عند الكيل مقبض من جهة البائع وقابض مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي، وَيَكُونُ الْكَيَّالُ أَمِينًا يَرْضَيَانِ بِهِ فَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ أَنَا أَكِيلُهُ لِنَفْسِي لَمْ يَلْزَمِ الْمُشْتَرِي الرِّضَا بِهِ، وَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي أَنَا أَكْتَالُهُ لِنَفْسِي لَمْ يَلْزَمِ الْبَائِعُ الرِّضَا بِهِ فَإِنْ تَرَاضَيَا بِكَيَّالٍ وَإِلَّا نَصَبَ الْحَاكِمُ لَهُمَا كَيَّالًا أَمِينًا، وَأُجْرَةُ الْكَيَّالِ وَاجِبَةٌ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّ الْكَيْلَ مِنْ حُقُوقِ التَّسْلِيمِ.

وَقَالَ أبو حنيفة: أُجْرَةُ الَّذِي يَمْلَأُ الْقَفِيزَ عَلَى الْبَائِعِ وَأُجْرَةُ الَّذِي يُفْرِغُ عَلَى الْمُشْتَرِي. وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ تَفْرِيغَ الْقَفِيزِ مِنْ تَمَامِ التَّسْلِيمِ فَأَمَّا أُجْرَةُ وَزَّانِ الثَّمَنِ فَلَازِمَةٌ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّ وَزَّانَ الثَّمَنِ مِنْ حُقُوقِ التَّسْلِيمِ وَأَمَّا أُجْرَةُ نَاقِدِ الثَّمَنِ فَعَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: عَلَى الْمُشْتَرِي، أَيْضًا مَعَ أُجْرَةِ الْوَزَّانِ لِأَنَّ النَّقْدَ مِنْ كَمَالِ التَّسْلِيمِ.

وَالثَّانِي: عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهُ يَسْتَظْهِرُ بِذَلِكَ لِنَفْسِهِ. وَمَا اشْتُرِيَ كَيْلًا فَلَا يَتِمُّ قَبْضُهُ بِالْوَزْنِ، وَكَذَا مَا اشْتُرِيَ وَزْنًا لَا يَتِمُّ قَبَضُهُ بِالْكَيْلِ وَلَوِ اشْتَرَى مِنْهُ بِمِكْيَالٍ فَاكْتَالَهُ بِغَيْرِ جِنْسِ ذَلِكَ الْمِكْيَالِ لَمْ يَجُزْ مِثْلَ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ مِائَةَ صَاعٍ مِنْ طَعَامٍ قَدِ اكْتَالَهُ بِالْقَفِيزِ لَمْ يَتِمَّ الْقَبْضُ كَمَا لَوْ قَبَضَ الْمُكَيَّلَ بِالْوَزْنِ وَلَكِنْ لَوِ اشْتَرَى مِنْهُ قَفِيزًا مِنْ طَعَامٍ فَاكْتَالَهُ مِنْهُ بِالْمُكَيَّلِ الَّذِي هُوَ رُبْعُ الْقَفِيزِ فَفِيهِ وَجْهَانِ: وَكَذَا لَوِ اكْتَالَ الصَّاعَ بِالْمُدِّ كَانَ عَلَى وَجْهَيْنِ فَأَمَّا الْمَعْدُودُ فَيَقْبِضُهُ بِالْعَدَدِ وَالتَّحْوِيلِ.

فَصْلٌ:

فَأَمَّا مَا بَاعَهُ الْأَبُ لِنَفْسِهِ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ بِحَقِّ وِلَايَتِهِ عَلَيْهِ فَفِي كَيْفِيَّةِ قَبْضِهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: بِالنَّقْلِ وَالتَّحْوِيلِ كَمَا ذَكَرْنَا. وَالثَّانِي: بِالنِّيَّةِ إِذَا كَانَ تَحْتَ قُدْرَتِهِ مِنْ غَيْرِ نَقْلٍ وَلَا تَحْوِيلٍ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُكَيَّلًا أَوْ مَوْزُونًا فَلَا بُدَّ مِنْ كَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ، فَلَوْ أَرْسَلَ الْأَبُ عَبْدَهُ فِي حَاجَةٍ ثُمَّ بَاعَهُ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ بِنَفْسِهِ فَتَلِفَ الْعَبْدُ قَبْلَ أَنْ يَعُودَ مِنَ الرِّسَالَةِ بَطَلَ الْبَيْعُ وَكَانَ تَالِفًا مِنْ مَالِ الْأَبِ، وَسَقَطَ عَنِ الِابْنِ الثَّمَنُ لِأَنَّهُ مَبِيعٌ تَلَفَ فِي يَدِ بَائِعِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ عَادَ إِلَى يَدِ الْوَالِدِ، وَجَرَتْ عَلَيْهِ قُدْرَتُهُ ثُمَّ مَاتَ كَانَ الْبَيْعُ جَائِزًا وَكَانَ تَالِفًا مِنْ مَالِ الِابْنِ وَعَلَيْهِ جَمِيعُ الثَّمَنِ، وَلَوْ عَادَ إِلَى يَدِ الْوَالِدِ بَعْدَ بُلُوغِ الِابْنِ رُشْدَهُ، ثُمَّ مَاتَ بَطَلَ الْبَيْعُ وَكَانَ تَالِفًا مِنْ مَالِ الْأَبِ؛ لِأَنَّ الِابْنَ إِذَا بَلَغَ لَمْ يَصِحَّ الْقَبْضُ فِيمَا اشْتَرَى لَهُ إِلَّا بِنَفْسِهِ دُونَ أَبِيهِ، وَإِنْ كَانَ أَبُوهُ قَدْ تَوَلَّى الْعَقْدَ.

وَقَالَ محمد بن الحسن: إِذَا كَانَ الْأَبُ قَدْ تَوَلَّى الْعَقْدَ فِي صِغَرِ ابْنِهِ صَحَّ أَنْ يَتَوَلَّى الْعَقْدَ بَعْدَ كِبَرِ ابْنِهِ، وَهَذَا خَطَأٌ لِأَنَّ تَوَلِّي الْأَبِ الْعَقْدَ وَالْقَبْضَ عَنِ ابْنِهِ إِنَّمَا يَصِحُّ لِتَعَذُّرِ ذَلِكَ مِنَ الِابْنِ بِالصِّغَرِ فَإِذَا كَبُرَ الِابْنُ لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ مِنَ الْأَبِ لِإِمْكَانِ ذَلِكَ مِنَ الِابْنِ بِالْكِبَرِ، فَلَوْ كَانَ الْأَبُ حِينَ أَرْسَلَ عَبْدَهُ فِي حَاجَةٍ وَهَبَهُ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ إليه العبد

<<  <  ج: ص:  >  >>