للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(مسألة)]

: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَيَجْلِسُ فِي الثَّانِيَةِ عَلَى رِجْلِهِ الْيُسْرَى , وَيَنْصِبُ الْيُمْنَى وَيَبْسُطُ يَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُسْرَى وَيَقْبِضُ أَصَابِعَ يَدِهِ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى إِلَّا الْمُسَبِّحَةَ وَيُشِيرُ بِهَا مُتَشَهِّدًا "

قَالَ الْمُزَنِيُّ: " ينوي بالمسبحة الإخلاص لله تعالى "

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ أَمَّا التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ فَهُوَ سُنَّةٌ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَبِهِ قَالَ أبو حنيفة، وَمَالِكٌ وَحُكِيَ عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ: أَنَّهُ وَاجِبٌ اسْتِدْلَالًا بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَعَلَهُ فِي صَلَاتِهِ، وَقَالَ: " صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي "، وَلِأَنَّهُ تَشَهَّدَ فِي الصَّلَاةِ فَاقْتَضَى أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا كَالتَّشَهُّدِ الثَّانِي

وَدَلِيلُنَا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُحَيْنَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَلَّى بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ وَقَامَ إِلَى الثَّالِثَةِ وَنَسِيَ التَّشَهُّدَ فَلَمَّا بَلَغَ آخِرَ الصَّلَاةِ سَجَدَ لِلسَّهْوِ، فَلَوْ كَانَ وَاجِبًا مَا أَخَّرَ سُجُودَ السَّهْوِ عَنْهُ

وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَامَ إِلَى الثَّالِثَةِ فَسُبِّحَ بِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ فَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَرَجَعَ، وَلِأَنَّ كُلَّ فِعْلٍ تصح الصلاة بتركه ناسياً نصح الصَّلَاةُ بِفِعْلِهِ عَامِدًا، كَالْمَسْنُونَاتِ طَرْدًا، وَالْمَفْرُوضَاتِ عَكْسًا وبهذا تنفصل عَنْ قِيَاسِهِمْ عَلَى التَّشَهُّدِ الثَّانِي، لِأَنَّ تَرْكَهُ سَهْوًا يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ الصَّلَاةِ فَكَانَ وَاجِبًا وَتَرْكَ الْأَوَّلِ مِنْهُمَا لَا يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ الصَّلَاةِ فَكَانَ مَسْنُونًا

(فَصْلٌ)

: فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ مَسْنُونٌ، وَالثَّانِيَ مَفْرُوضٌ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي كَيْفِيَّةِ جُلُوسِهِ فِيهِمَا عَلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ: أَنْ يَجْلِسَ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ مُفْتَرِشًا، وَفِي الثَّانِي مُتَوَرِّكًا

وَصُورَةُ الِافْتِرَاشِ فِي الْأُولَى: أَنْ يَنْصِبَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى وَيُضْجِعَ الْيُسْرَى وَيَجْلِسَ عَلَيْهَا مُفْتَرِشًا لَهَا وَهَكَذَا يَكُونُ فِي الْجِلْسَةِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ

وَصُورَةُ التَّوَرُّكِ فِي الثَّانِي: أَنْ يَنْصِبَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى وَيُضْجِعَ الْيُسْرَى وَيُخْرِجَهَا عَنْ وَرِكِهِ الْيُمْنَى وَيُفْضِيَ بِمَقْعَدِهِ إِلَى الْأَرْضِ

وَقَالَ مَالِكٌ: يَجْلِسُ فِيهِمَا جَمِيعًا مُتَوَرِّكًا

وَقَالَ أبو حنيفة: يَجْلِسُ فِيهِمَا جَمِيعًا مُفْتَرِشًا لَهَا، وَاسْتَدَلَّ مَالِكٌ عَلَى تَوَرُّكِهِ فِيهِمَا بِرِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جَلَسَ مُتَوَرِّكًا، وَلِأَنَّهُ جُلُوسٌ لِلتَّشَهُّدِ فَكَانَ مِنْ سنته التورك

<<  <  ج: ص:  >  >>