للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَنَفْيِ النَّسَبِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُلَاعِنَ بِالْقَذْفِ الَّذِي تَضَمَّنَهُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ بِهِ قَاذِفًا وَلَا يَسْقُطُ بِلِعَانِهِ حَدُّ الْقَذْفِ عَنِ الشُّهُودِ.

وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُحَدَّ الشُّهُودُ قَبْلَ لِعَانِ الزَّوْجِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ مَبْنِيَّيْنِ عَلَى اخْتِلَافِ أَصْحَابِنَا فِي الزَّوْجِ إِذَا لَاعَنَ وَامْتَنَعَتِ الزَّوْجَةُ عَنِ اللِّعَانِ فَحُدَّتْ هَلْ تَسْقُطُ حَصَانَتُهَا مَعَ الْأَجَانِبِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ سُرَيْجٍ؛ أَنَّ حَصَانَتَهَا لَا تَسْقُطُ مَعَ الْأَجَانِبِ وَإِنْ حُدَّتْ؛ لِأَنَّهُ عَنْ لِعَانٍ يَخْتَصُّ بِالزَّوْجِيَّةِ دُونَ الْأَجَانِبِ فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ أَنْ يُحَدَّ الشُّهُودُ قَبْلَ لِعَانِهِمَا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ أَنَّ حَصَانَتَهَا قَدْ سَقَطَتْ مَعَ الْأَجَانِبِ كَسُقُوطِهَا مَعَ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ حُدَّتْ بِاللِّعَانِ كَمَا تُحَدُّ بِالْبَيِّنَةِ، فَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُحَدَّ الشُّهُودُ إِلَّا بَعْدَ لِعَانِ الزَّوْجِ لِجَوَازِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنَ اللِّعَانِ فَيُحَدُّ فَتَسْقُطُ حَصَانَتُهَا مَعَهُمْ، وَإِذَا قِيلَ إِنَّ الشُّهُودَ لَا حَدَّ عَلَيْهِمْ فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي الزَّوْجِ هَلْ يَجْرِي مَجْرَى الشُّهُودِ فِي سُقُوطِ الْحَدِّ عَنْهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ كَالشُّهُودِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ لِأَنَّهُ جَاءَ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ لَا بِلَفْظِ الْقَذْفِ، فَعَلَى هَذَا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُلَاعِنَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ إِلَّا بِاسْتِئْنَافِ قَذْفٍ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُحَدُّ بِخِلَافِ الشُّهُودِ، وَهُوَ الْمَحْكِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ، لِأَنَّهُ لَمَّا امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ شَاهِدًا امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ لَفْظُهُ لَفْظَ شَهَادَةٍ وَصَارَ قَاذِفًا مَحْضًا فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ أَنْ يُلَاعِنَ بِالْقَذْفِ فِي الشَّهَادَةِ وَلَا يَسْتَأْنِفَ قَذْفًا وَاللَّهُ أعلم.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ قَذَفَهَا وَانْتَفَى مِنْ حَمْلِهَا فَجَاءَ بِأَرْبَعَةٍ فَشَهِدُوا أَنَّهَا زَنَتْ لَمْ يُلَاعِنْ حَتَّى تَلِدَ فَيَلْتَعِنُ إِذَا أَرَادَ نَفْيَ الْوَلَدِ فَإِنْ لَمْ يَلْتَعِنْ لَحِقَهُ الْوَلَدُ وَلَمْ تُحَدَّ حَتَّى تَضَعَ ثَمَّ تُحِدُّ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ إِذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عُدُولٌ عَلَى امْرَأَةِ رَجُلٍ بِالزِّنَاءِ تَعَلَّقَ بِشَهَادَتِهِمْ حُكْمَانِ لَا يُؤَثِّرَانِ فِي الزَّوْجِيَّةِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>