أَحَدُهُمَا: يَمْنَعُ مِنْهَا.
وَالثَّانِي: يُجِيبُ إِلَيْهَا.
وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّمَا أَشَارَ بِهِ إِلَى أُجْرَةِ الْقِسْمَةِ، فَأَمَّا الْقِسْمَةُ فَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَمْنَعَهُمْ مِنْهَا فِي حَقِّ الصَّغِيرِ، وَهُوَ يُجْبِرُ عَلَيْهَا فِي حَقِّ الْكَبِيرِ؛ لِأَنَّ الصَّغِيرَ لَا يَمْنَعُ مِنَ الْحُقُوقِ وَجَعَلُوا احْتِمَالَ هَذَا الْكَلَامِ مَحْمُولًا عَلَى الْأُجْرَةِ وَخَرَجُوا فِي إِلْزَامِهِ أُجْرَةَ الْقِسْمَةِ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: يَلْزَمُهُ الْحَاكِمُ قِسْطَهُ مِنْهَا مَعَ عَدَمِ حَظِّهِ فِيهَا كَمَا يَلْزَمُهُ مَا لَا حَظَّ له فيه من مؤونة وَكُلْفَةٍ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْحَاكِمَ يَقُولُ لِشُرَكَاءِ الصغير إن أردتم القسمة التزمتهم قِسْطَهُ مِنَ الْأُجْرَةِ، وَلَمْ يُوجِبْ فِي مَالِهِ مَا لَا حَظَّ لَهُ فِيهِ.
( [أَنْوَاعُ الْأَمْوَالِ المشتركة] ) .
[(مسألة)]
: قال الشافعي: " وإذا تداعوا إلى القسم وأبى شركائهم فَإِنْ كَانَ يَنْتَفِعُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِمَا يَصِيرُ لَهُ مَقْسُومًا أَجْبَرْتُهُمْ عَلَى الْقَسْمِ فَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعِ الْبَاقُونَ بِمَا يَصِيرُ إِلَيْهِمْ فَأَقُولُ لِمَنْ كَرِهَ إِنْ شِئْتُمْ جَمَعْتُمْ حَقَّكُمْ فَكَانَتْ مُشَاعَةً بَيْنَكُمْ لِتَنْتَفِعُوا بِهَا ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ الْأَمْوَالَ الْمُشْتَرَكَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: مَا تَدْخُلُهُ قِسْمَةُ الْإِجْبَارِ، وَهُوَ مِنَ الدُّورِ وَالْأَرْضِينَ مَا تَتَسَاوَى قِيمُ كُلِّ مَوْضِعٍ مِنْهُ، وَفِي مَعْنَاهُ مَا تَتَسَاوَى أَجْزَاؤُهُ مِنَ الْحُبُوبِ وَالْأَدْهَانِ، فَهَذَا يُقَسَّمُ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ إِجْبَارًا إِذَا امْتَنَعَ بَعْضُهُمْ وَاخْتِيَارًا إِذَا رَضِيَ جَمِيعَهُمْ.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: مَا تَدْخُلُهُ قِسْمَةُ الِاخْتِيَارِ وَلَا تَدْخُلُهُ قِسْمَةُ الْإِجْبَارِ وَهُوَ مَا تَخْتَلِفُ قِيَمُ كُلِّ مَوْضِعٍ مِنْهُ مِنَ الدُّورِ وَالْأَرْضِينَ وَكَالْحَمَّامِ وَالسَّفِينَةِ وَالسَّيْفِ وَالثَّوْبِ لِنُقْصَانِهِمَا بِالْقِسْمَةِ فَهَذَا يُقَسَّمُ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ اخْتِيَارًا، إِذَا رَضِيَ جَمِيعُهُمْ، وَلَا يُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ إِجْبَارًا إِذَا امْتَنَعَ بَعْضُهُمْ.
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: مَا لَا تَدْخُلُهُ قِسْمَةُ الْإِجْبَارِ وَلَا تَدْخُلُهُ قِسْمَةُ الِاخْتِيَارِ، وَهُوَ كُلُّ مَا يُتْلَفُ بِالْقِسْمَةِ، كَالْجَوْهَرَةِ وَاللُّؤْلُؤَةِ وَالْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ، فَهَذَا يُمْنَعُ الشُّرَكَاءُ فِيهِ مِنْ قَسْمِهِ، وَإِنْ رَضُوا بِهَا؛ لِأَنَّهُ إِتْلَافُ مِلْكٍ فِي غَيْرِ نَفْعٍ فَكَانَ سَفَهًا يَسْتَحِقُّ به الحجر.
[(فصل: [امتناع بعض الشركاء من القسمة في ما تدخله قسمة الإجبار] ) .]
فَأَمَّا مَا تَدْخُلُهُ قِسْمَةُ الْإِجْبَارِ فِي الدُّورِ وَالْأَرْضِينَ إِذَا دَعَا بَعْضُ الشُّرَكَاءِ إِلَى الْقِسْمَةِ وَامْتَنَعَ بَعْضُهُمْ مِنْهَا فَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ لَا يَسْتَضِرَّ بِالْقِسْمَةِ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، وَيَنْتَفِعُ بِمَا حَازَهُ مَقْسُومًا، كَانْتِفَاعِهِ بِهِ