للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِرُجُوعِهِ. فَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ مَنْ أَحْبَلَ أَوْ أَعْتَقَ بِغَيْرِ إِذْنِ الْمُرْتَهِنِ فَيَكُونُ غَيْرَ نَافِذٍ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، وَعَلَيْهِ غُرْمُ الْقِيمَةِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ غَيْرَ عَالِمٍ بِرُجُوعِهِ فَعَلَى وَجْهَيْنِ مُخَرَّجَيْنِ مِنَ الْوَكِيلِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي الْبَيْعِ إِذَا رَجَعَ مُوَكِّلُهُ عَنِ الْإِذْنِ ثُمَّ بَاعَ الْوَكِيلُ قَبْلَ الْعِلْمِ.

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ حُكْمُ إِذْنِهِ بَاقِيًا حَتَّى يَعْلَمَ بِالرُّجُوعِ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ عِتْقُهُ وَإِحْبَالُهُ نَافِذًا وَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ حُكْمَ الْإِذْنِ قَدْ زَالَ بِالرُّجُوعِ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ كَمَنْ أَحْبَلَ وَأَعْتَقَ، بِغَيْرِ إِذْنٍ، فَيَكُونُ بَاطِلًا فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَجَائِزًا فِي الْقَوْلِ الثَّانِي وَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ.

(فَصْلٌ)

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابٍ الرَّهْنِ الْكَبِيرِ مِنْ " الْأُمِّ ": وَلَوْ أَذِنَ لَهُ الْمُرْتَهِنُ فِي ضربها فضربها فَمَاتَتْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الرَّاهِنِ غُرْمُ قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّ إِطْلَاقَ إِذْنِ الْمُرْتَهِنِ فِي ضَرْبِهَا يَتَنَاوَلُ قَلِيلَ الضَّرْبِ وَكَثِيرَهُ، فَصَارَ مَا فَعَلَهُ الرَّاهِنُ مِنَ الضَّرْبِ الْمُؤَدِّي إِلَى تَلَفِهَا عَنْ إِذْنِ الْمُرْتَهِنِ فَكَانَ إِسْقَاطًا لِلْحَقِّ مِنْ رَقَبَتِهَا وَجَرَى مجرى الفسخ بعتقها أو إحبالها.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوِ اخْتَلَفَا فَقَالَ الرَّاهِنُ أَعْتَقْتُهَا بِإِذْنِكَ وَأَنْكَرَ الْمُرْتَهِنُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَهِيَ رَهْنٌ وهذا إِذَا كَانَ الرَّاهِنُ مُعْسِرًا فَأَمَّا إِذَا كَانَ موسرا أخذ منه قيمة الجارية والعتق والولاء له تكون مكانها أو قصاصا ".

قال الماوردي: إِذَا اخْتَلَفَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ بَعْدَ عِتْقِ الرَّاهِنِ أَوْ إِحْبَالِهِ فَقَالَ الرَّاهِنُ: فَعَلْتُ ذَلِكَ بِإِذْنِكَ فَفِعْلِي نَافِذٌ وَالرَّهْنُ مُنْفَسِخٌ. وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: بَلْ فَعَلْتَ ذَلِكَ بِغَيْرِ إِذْنِي، فَفِعْلُكَ مَرْدُودٌ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، وَمَضْمُونٌ فِي الْقَوْلِ الثَّانِي.

فَإِنْ كَانَ لِلرَّاهِنِ بَيِّنَةٌ نَفَذَ عِتْقُهُ وَإِحْبَالُهُ. وَفِي الْبَيِّنَةِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: شَاهِدَانِ عَدْلَانِ لَا غَيْرَ، وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي يَقُولُ: إِنَّ عِتْقَ الرَّاهِنِ بِغَيْرِ إِذْنِ الْمُرْتَهِنِ بَاطِلٌ لِأَنَّهَا بَيِّنَةٌ تُثْبِتُ الْعِتْقَ وَالْعِتْقُ لَا يُقْبَلُ فِيهِ إِلَّا شَاهِدَانِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْبَيِّنَةَ شَاهِدَانِ أَوْ شَاهِدٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ شَاهِدٌ وَيَمِينٌ وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي يَقُولُ: إِنَّ عِتْقَ الرَّاهِنِ بِغَيْرِ إذن المرتهن نافذ فإنه لِلْقِيمَةِ ضَامِنٌ؛ لِأَنَّ هَذَا حَلِفٌ فِي ضَمَانِ مَالٍ وَالْأَمْوَالُ يُحْكَمُ فِيهَا بِشَاهِدَيْنِ وَشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَشَاهِدٍ وَيَمِينٍ.

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلرَّاهِنِ بَيِّنَةٌ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ مَعَ يَمِينِهِ بِاللَّهِ أَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ. لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الرَّاهِنَ يَدَّعِي إِذْنَ الْمُرْتَهِنَ وَالْمُرْتَهِنَ مُنْكِرٌ، فَكَانَ الْقَوْلُ قول المنكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>