للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَعَلَى هَذَا إِذَا عَادَ الْمَبِيعُ إِلَى الْبَائِعِ قِيلَ لَهُ: إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ اللَّهِ أَنَّكَ كَاذِبٌ، وَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ صَادِقٌ فَلَيْسَ لَكَ أَنْ تَتَصَرَّفَ فِي الْمَبِيعِ بِوَجْهٍ لِأَنَّهُ مِلْكٌ لِغَيْرِكَ، وَأَنْتَ غَيْرُ مَمْنُوعٍ مِنْ ثَمَنِهِ، فَإِنْ تَصَرَّفْتَ فِيهِ كُنْتَ كَمَنْ تَصَرَّفَ فِي مَالِ غَيْرِهِ مُتَعَدِّيًا، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّكَ صَادِقٌ وَأَنَّ الْمُشْتَرِيَ كَاذِبٌ فَالْمَبِيعُ لِلْمُشْتَرِي وَأَنْتَ مَمْنُوعٌ مِنْ ثَمَنِهِ فَلَيْسَ لَكَ أَنْ تَطَأَ إِنْ كَانَ الْمَبِيعُ جَارِيَةً وَأَنْ لَا تَهَبَ وَتَكُونُ كَمَنْ لَهُ مَالٌ عَلَى غَيْرِهِ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ مِنْهُ، وَظَفَرَ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ فَتَبِيعُ السِّلْعَةَ لِتَصِلَ إِلَى حَقِّكَ مِنْ ثَمَنِهَا. وَفِي الْمُتَوَلِّي لِبَيْعِهَا وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَكُونُ هُوَ الْمُتَوَلِّي لِبَيْعِهَا.

وَالثَّانِي: تَوَلَّاهُ الْحَاكِمُ، فَإِذَا بِيعَتْ فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ بِقَدْرِ حَقِّكَ فَلَكَ أَخْذُ حَقِّكَ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ حَقِّكَ فَعَلَيْكَ رَدُّ الْبَاقِي، وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ أَقَلَّ مِنْ حَقِّكَ فَالْبَاقِي دَيْنٌ لَكَ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي.

وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ إِنْ كَانَ الْبَائِعُ مَظْلُومًا وَالْمُشْتَرِي ظَالِمًا وَقَعَ الْفَسْخُ فِي الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ، وَقَدْ أَشَارَ إِلَى هَذَا الْوَجْهِ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ تَعَلُّقًا بِأَنَّ الْمِلْكَ لِلْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ، وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ مَظْلُومًا لَمْ يَنْتَقِلْ مِلْكُهُ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ أَخْذُ الثَّمَنِ وَوَجَدَ عَيْنَ مَالِهِ فَجَازَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ وَيَأْخُذَ عَيْنَ مَالِهِ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي ظَالِمًا صَارَ بِالظُّلْمِ مَانِعًا مِنْ ثَمَنِهَا، فَصَارَ أَسْوَأَ حَالًا من المفلس الذي يزال مِلْكُهُ بِالْإِفْلَاسِ لِتَعَذُّرِ الثَّمَنِ فَكَذَلِكَ هَذَا يُزَالُ مِلْكُهُ بِالظُّلْمِ لِتَعَذُّرِ الْوُصُولِ إِلَى الثَّمَنِ فَعَلَى هَذَا إِنْ كَانَ الْبَائِعُ مَظْلُومًا فَقَدْ وَقَعَ الْفَسْخُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَجَازَ لِلْبَائِعِ إِذَا عَادَتِ السِّلْعَةُ إِلَيْهِ أَنْ يَتَصَرَّفَ كَيْفَ شَاءَ. فَإِنْ كانت جارية جاز لها أَنْ يَطَأَهَا وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ ظَالِمًا أُوقِعَ الْفَسْخُ فِي الظَّاهِرِ دُونَ الْبَاطِنِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهَا بِوَجْهٍ، لِأَنَّهَا مِلْكٌ لِآخَرَ وَهُوَ غَيْرُ مَمْنُوعٍ مِنْ حَقِّهِ.

فَصْلٌ:

فَإِذَا تَقَرَّرَ مَا وَصَفْنَا مِنْ حَالِ الْفَسْخِ بِالتَّحَالُفِ أَوْ بَعْدَ التَّحَالُفِ وَهَذَا مَا أَعْوَزَتِ الْبَيِّنَةُ. فَأَمَّا مَعَ الْبَيِّنَةِ فَلَا تَحَالُفَ وَالْحُكْمُ بِهَا أَوْلَى. فَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً فَقَدْ تَعَارَضَتَا وَفِيهَا قَوْلَانِ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ مِنْ تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ فِي الْعُقُودِ:

أَحَدُهُمَا: إِسْقَاطُ الْبَيِّنَتَيْنِ وَالتَّحَالُفُ.

وَالثَّانِي: الْإِقْرَاعُ بَيْنَهُمَا. وَإِذَا وَقَعَ الْفَسْخُ وَجَبَ رَدُّ السِّلْعَةِ عَلَى بَائِعِهَا سَوَاءً قِيلَ إِنَّ الْفَسْخَ قَدْ وَقَعَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا أَوْ قَدْ وَقَعَ فِي الظَّاهِرِ دُونَ الْبَاطِنِ. فَإِنْ كَانَتِ السِّلْعَةُ تَالِفَةً فَلَا يَخْلُو حَالُهَا مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ تَكُونَ مِمَّا لَهَا مِثْلٌ. أَوْ مِمَّا لَا مِثْلَ لَهَا. فَإِنْ كَانَتْ مِمَّا لَا مِثْلَ لَهَا وَجَبَ رَدُّ قِيمَتِهَا. وَفِي اعْتِبَارِ أَزْمَانِ الْقِيمَةِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَقْتُ التَّلَفِ.

وَالثَّانِي: أَكْثَرُ مِمَّا كَانَتْ قِيمَتُهُ مِنْ وَقْتِ الْقَبْضِ إِلَى وَقْتِ التَّلَفِ. فَإِنِ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>