للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحَامِلِ مِنْهُ وَبَيْنَ الْحَامِلِ مِنْ زِنًا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِي طَلَاقِ الْحَامِلِ سُنَّةٌ وَلَا بِدْعَةٌ وَكَانَ فِي طَلَاقِ الْحَامِلِ مِنْ زِنًا سُنَّةٌ وَبِدْعَةٌ لِأَنَّهُ إِذَا طَلَّقَ الْحَامِلَ مِنْهُ اعْتَدَّتْ بِوَضْعِهِ فَارْتَفَعَتِ السُّنَّةُ وَالْبِدْعَةُ فِي طَلَاقِهَا.

وَإِذَا طَلَّقَ الْحَامِلَ مِنْ زِنًا لم تعتد من بوضعه واعتد بالأقراء فتثبت السُّنَّةُ وَالْبِدْعَةُ فِي طَلَاقِهَا. فَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَتْ تَحِيضُ عَلَى الْحَمْلِ، فَإِنْ لَمْ نَجْعَلْهُ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْقَدِيمِ حَيْضًا لَمْ نَعْتَبِرْهُ. وَإِنْ جَعَلْنَاهُ حَيْضًا عَلَى قَوْلِهِ فِي الْجَدِيدِ اعْتَبَرْنَاهُ، فَإِذَا طَهُرَتْ مِنْهُ عَلَى الْحَمْلِ طُلِّقَتْ لِلسُّنَّةِ.

وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ، وَقَدْ جَامَعَهَا عَلَى حَمْلِهَا، وَقَعَ عَلَيْهَا فِي الْحَالِ طَلَاقُ الْبِدْعَةِ، لِأَنَّ حُكْمَ هَذَا الْحَمْلِ مُلْغًى. وَهُوَ طُهْرٌ قَدْ جُومِعَتْ فِيهِ، فَكَانَ الطَّلَاقُ فِيهِ طَلَاقَ بِدْعَةٍ. وَلَوْ حَاضَتْ عَلَيْهِ بَعْدَ جِمَاعِهِ، وَجَعَلْنَاهُ حَيْضًا، وَطَهُرَتْ مِنْهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا لِلْبِدْعَةِ لَمْ تُطَلَّقْ إِلَّا أَنْ تَحِيضَ عَلَى الْحَمْلِ فَتُطَلَّقَ أَوْ يَطَأَهَا فِي هَذَا الطُّهْرِ فَتُطَلَّقُ، أَوْ تَضَعُ حَمْلَهَا وَتَصِيرُ فِي نِفَاسِهَا فَتُطَلَّقُ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ فِي الْحَيْضِ بِدْعَةٌ، وَفِي طُهْرِ الْجِمَاعِ بِدْعَةٌ، وَفِي النِّفَاسِ بِدْعَةٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(فَصْلٌ:)

وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ وَهِيَ حَامِلٌ مِنْهُ إِذَا وَلَدْتِ وَلَدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ فَلَا طَلَاقَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْوِلَادَةِ، فَإِذَا وَلَدَتْ لَمْ تُطَلَّقْ حَتَّى يَنْقَضِيَ نِفَاسُهَا، لِأَنَّهُ جَعَلَهُ بِالْوِلَادَةِ وَاقِعًا لِلسُّنَّةِ فَلِذَلِكَ رُوعِيَ انْقِضَاءُ نِفَاسِهَا، فَلَوْ كَانَتِ الْمَسْأَلَةُ بحالها فولدت ولدين طلقت بعد لأول وَقَبْلَ وَضْعِ الثَّانِي، لِأَنَّهَا بِوَضْعِ الْأَوَّلِ قَدْ وُجِدَ شَرْطُ طَلَاقِهَا، وَصَارَتْ مَعَ بَقَاءِ الثَّانِي حَامِلًا، وَالْحَامِلُ إِذَا طُلِّقَتْ لِلسُّنَّةِ وَقَعَ طَلَاقُهَا فِي الْحَالِ، لِأَنَّهُ لَا سُنَّةَ فِي طَلَاقِهَا ولا بدعة.

[(مسألة:)]

قال الشافعي: (وَإِنْ كَانَتْ تَحِيضُ فَقَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ فَإِنْ كَانَتْ طَاهِرًا مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ طُلِّقَتْ ثَلَاثًا مَعًا وَإِنْ كَانَتْ مُجَامَعَةً أَوْ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ وَقَعَ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ حِينَ تَطْهُرُ مِنَ الْحَيْضِ أَوِ النِّفَاسِ وَحِينَ تَطْهُرُ الْمُجَامَعَةُ مِنْ أَوَّلِ حَيْضٍ بَعْدَ قَوْلِهِ وقبل الغسل وإن قال نويت أن تقع في كل طهر طلقة وقعن معاً في الحكم وعلى ما نوى فيما بينه وبين الله) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَإِذَا قَدْ مَضَى طَلَاقُ مَنْ لا سنة في طلاقها، لا بِدْعَةَ، فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَقْصُورَةٌ عَلَى طَلَاقِ ذَاتِ السُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ مِنْ ذَوَاتِ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ، وَهُوَ الضَّرْبُ الثَّانِي مِنَ النِّسَاءِ وَهُوَ أَنْ يَجْتَمِعَ فِيهَا مَا قَدَّمْنَا مِنَ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ.

أَنْ تَكُونَ مَدْخُولًا بِهَا، وَأَنْ تَكُونَ حَائِلًا، وَأَنْ تَكُونَ مِنْ ذَوَاتِ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>