أَصْلُهُ إِذَا تَطَهَّرَ بِالْمَاءِ النَّجِسِ
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ قَدْ عَلِمَ بِالنَّجَاسَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ ثم يسهى عِنْدَ دُخُولِهِ فِي الصَّلَاةِ فَعَلَى قَوْلَيْنِ فِي الْجَدِيدِ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ، وَعَلَى قَوْلِهِ فِي الْقَدِيمِ على وجهين:
أحدهما: عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ؛ لِتَفْرِيطِهِ فِي إِزَالَتِهَا
وَالثَّانِي: خَرَّجَهُ الْقَاضِي أَبُو حَامِدٍ لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ
(فَصْلٌ)
: فَأَمَّا إِذَا لَمْ يَجِدْ إِلَّا ثَوْبًا نَجِسًا ولم يجد ما يغسله صلى عريان، وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ نَجِسًا كُلُّهُ، أَوْ بَعْضُهُ، وَإِنْ صَلَّى فِيهِ أَعَادَ
وَقَالَ مَالِكٌ، وَالْمُزَنِيُّ: صَلَّى فِيهِ، وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ
وَقَالَ أبو حنيفة: إِنْ كَانَ بَعْضُهُ نَجِسًا وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ، وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ جَمِيعُهُ نَجِسًا كَانَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وبين أن يصلي عريان وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ أَيْضًا، وَالدَّلَالَةُ عَلَيْهِمْ هُوَ: أَنَّهُ مَعْنَى يَتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى أَدَاءِ شَرْطٍ مِنْ شَرَائِطِ الصَّلَاةِ فَوَجَبَ إِذَا كَانَ نَجِسًا أَنْ لَا يَسْقُطَ مَعَهُ أَصْلُهُ الطَّهَارَةُ بِالْمَاءِ النَّجِسِ، وَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ دَمُ الْبَرَاغِيثِ، لِأَنَّ قَوْلَنَا نَجِسٌ يَقْتَضِي تَنْجِيسَ جَمِيعِ الْبَدَنِ، وَدَمُ البراغيث لا ينجس جميعه، ولأنه نَجَاسَةٌ عَلَى شَيْءٍ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهَا فَوَجَبَ أَنْ لَا يَسْقُطَ فَرْضُ الصَّلَاةِ مَعَهَا أَصْلُهُ: إذا كان ثوب طاهر
[(مسألة)]
: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَإِنْ كَانَ مَعَهُ ثَوْبَانِ أَحَدُهُمَا طَاهِرٌ وَالْآخَرُ نَجِسٌ وَلَا يَعْرِفُهُ فَإِنَّهُ يَتَحَرَّى أَحَدَ الثَّوْبَيْنِ فيصلي فيه ويجزئه وكذلك إِنَاءَانِ مِنْ مَاءٍ أَحَدُهُمَا طَاهِرٌ وَالْآخَرُ نَجِسُّ فَإِنَّهُ يَتَوَضَّأُ بِأَحَدِهِمَا عَلَى التَّحَرِّي وَيُجْزِئُهُ "
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا الِاجْتِهَادُ فِي الْإِنَاءَيْنِ فَقَدْ مَضَى فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ، وَأَمَّا الِاجْتِهَادُ فِي الثَّوْبَيْنِ إِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا طَاهِرًا وَالْآخَرُ نَجِسًا فَجَائِزٌ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وأبي حنيفة فَإِذَا بَانَ لَهُ طَهَارَةُ أَحَدِهِمَا بِالِاجْتِهَادِ صَلَّى فِيهِ وَأَجْزَأَهُ
وَقَالَ أَبُو إِبْرَاهِيمَ الْمُزَنِيُّ: لَا يَجُوزُ الِاجْتِهَادُ فِيهِمَا؛ بَلْ يُصَلِّي فِي أَحَدِهِمَا وَيُعِيدُ فِي الْآخَرِ
قَالَ: لِأَنَّهُ قَدْ يَقْدِرُ عَلَى أَدَاءِ فَرْضِهِ بِيَقِينٍ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُؤَدِّيَهُ مُجْتَهِدًا بِالشَّكِّ كَمَنْ تَرَكَ صَلَاةً مِنْ جُمْلَةِ خَمْسِ صَلَوَاتٍ لَا يَعْرِفُهَا بِعَيْنِهَا لَمَا لَزِمَهُ إِعَادَةُ الْخَمْسِ صَلَوَاتٍ لِيَكُونَ مُؤَدِّيًا لِفَرْضِهِ بِيَقِينٍ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ فِي الثَّوْبَيْنِ كَذَلِكَ قَالَ: وَيُفَارِقُ هَذَا الْإِنَاءَيْنِ حَيْثُ جَازَ لَهُ الِاجْتِهَادُ فِيهِمَا أَنَّهُ لَوْ أُمِرَ أَنْ يَتَطَهَّرَ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَكَانَ حَامِلًا لِنَجَاسَةٍ بِيَقِينٍ، وَهَذَا خَطَأٌ، وَالدَّلَالَةُ عَلَى فَسَادِهِ مِنْ طَرِيقِ الْمَعْنَى أَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ فِي الصَّلَاةِ عِبَادَةٌ تُؤَدَّى بِالْيَقِينِ والظاهر،