للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَحَدُهُمَا: لَهُ الْخِيَارُ فِي الرَّدِّ وَهَذَا قَوْلُ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ خِيَارُ شَرْعٍ. وَالثَّانِي: لَا خِيَارَ لَهُ فِي الرَّدِّ وَهَذَا قَوْلُ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ خِيَارُ عَيْبٍ.

فَصْلٌ:

فَإِذَا رَدَّ بِالتَّصْرِيَةِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فَعَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ مَعَهَا بَدَلًا مِنْ لَبَنِ التَّصْرِيَةِ صَاعًا، وَفِيهِ لِأَصْحَابِنَا ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ وَطَائِفَةٍ: أَنْ يَرُدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَعْدِلَ إِلَى غَيْرِهِ مِنَ الْأَقْوَاتِ، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " صَاعًا مِنْ تَمْرٍ لَا سَمْرَاءَ " فَعَلَى هَذَا لَوْ أَعْوَزَ التَّمْرَ أُعْطِيَ قِيمَتُهُ وَفِي مَحَلِّ قِيمَتِهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: قِيمَتُهُ فِي أَقْرَبِ بِلَادِ التَّمْرِ مِنْهُ، وَالثَّانِي: قِيمَتُهُ بِالْمَدِينَةِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أبي هريرة: أَنْ يُعْطِيَ صَاعًا مِنْ أَيِّ الْأَقْوَاتِ الْمُزَكَّاةِ تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا أَوْ شَعِيرًا لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ فِي خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ " صَاعًا مِنْ تَمْرٍ " وَقَالَ: فِي خَبَرِ ابْنِ عُمَرَ إِعْطَاءُ مِثْلٍ أَوْ مِثْلَيْ لَبَنِهَا قَمْحًا، فَعُلِمَ أَنَّهُ عَلَى وَجْهِ التَّخْيِيرِ، وَقَوْلُهُ مِثْلَيْ لَبَنِهَا قَمْحًا لِأَنَّهُ فِي الْغَالِبِ يَكُونُ صَاعًا لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْغَنَمِ أَنْ تَكُونَ الْحَلْبَةُ نِصْفَ صَاعٍ.

وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيِّ: أَنَّهُ يُعْطِي صَاعًا مِنْ غَالِبِ قُوتِ بَلَدِهِ، اعْتِبَارًا بِزَكَاةِ الْفِطْرِ.

فَصْلٌ:

فَلَوِ اشْتَرَى شَاةً بِصَاعٍ، ثُمَّ أَرَادَ رَدَّهَا بِالتَّصْرِيَةِ فَفِي قَدْرِ مَا يَرُدُّ مَعَهَا وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَرُدَّهَا وَيَرُدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ إِنْ شَاءَ لِأَنَّ الشَّرْعَ قَدْ قَدَّرَ لَبَنَ التَّصْرِيَةِ بِصَاعٍ فَلَا اعْتِبَارَ بِزِيَادَةِ الثَّمَنِ وَنَقْصِهِ، كَمَا لَا اعْتِبَارَ بِقِلَّةِ اللَّبَنِ وَكَثْرَتِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَرُدُّ مِنَ الصَّاعِ بِقَدْرِ نَقْصِ التَّصْرِيَةِ مِنَ الثَّمَنِ، لِأَنَّ الْمُبْتَغَى مِنَ الرَّدِّ اسْتِدْرَاكُ النَّقْصِ فَعَلَى هَذَا تَقُومُ الشَّاةُ لَوْ لَمْ تَكُنْ مُصَرَّاةً فَإِذَا قِيلَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ قُوِّمَتْ وَهِيَ مُصَرَّاةٌ، فَإِذَا قِيلَ ثَمَانِيَةُ دَرَاهِمَ، عُلِمَ أَنْ نَقَصَ التَّصْرِيَةِ هِيَ الْخُمْسُ فَيَرُدُّ الْمُشْتَرِي مَعَهَا خُمْسَ الصَّاعِ الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ.

فَصْلٌ:

فَلَوْ كَانَ لَبَنُ التَّصْرِيَةِ بَعْدَ حَلْبِهِ بَاقِيًا وَأَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهُ مَعَهَا لَمْ يَلْزَمِ الْبَائِعَ قَبُولُهُ لِنَقْصِهِ بِالْحَلْبِ وَبِغَيْرِهِ وَلَوْ طَلَبَهُ الْبَائِعُ لَمْ يَلْزَمِ الْمُشْتَرِي دَفْعُهُ لِمَا حَدَثَ فِي الضَّرْعِ مِنْ زِيَادَةِ اللَّبَنِ قَبْلَ الْحَلْبِ وَوَجَبَ رَدُّ بَدَلِهِ صَاعًا إِلَّا أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى رد اللبن فيجوز.

[مسألة:]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَكَذَلِكَ الْبَقَرُ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ. وَحُكْمُ التَّصْرِيَةِ فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ سَوَاءٌ لِأَنَّ التَّصْرِيَةَ فِي الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا بَيْنَهُمَا لَاحِقٌ بِهِمَا وَلِأَنَّ الْبَقَرَ مِنْ جُمْلَةِ النَّعَمِ الَّتِي تُقْصَدُ أَلْبَانُهَا وَأَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ إِنْ رَدَّهَا بِالتَّصْرِيَةِ رَدَّ مَعَهَا صَاعًا بَدَلًا مِنْ لَبَنِ التَّصْرِيَةِ فَأَمَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>