للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا: نَزْعُ الْحُلِيِّ وَالزِّينَةِ حَكَاهُ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ.

وَالثَّانِي: لُبْسُ الثِّيَابِ السُّودِ، وَهِيَ تُسَمَّى السِّلَابَ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

(يَخْمِشْنَ حُرَّ أَوْجُهٍ صِحَاحٍ ... فِي السُّلُبِ السُّودِ وَفِي الْأَمْسَاحِ)

(فَصْلٌ)

وَأَمَّا الَّتِي لَا إِحْدَادَ عَلَيْهَا فَهِيَ الرَّجْعِيَّةُ لَا يَجِبُ الْإِحْدَادُ عَلَيْهَا، لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ تَجْرِي عَلَيْهَا أَحْكَامُ الزَّوْجَاتِ، وَفِي اسْتِحْبَابِ الْإِحْدَادِ لَهَا وجهان:

أحدهما: يستحب لها ليظهر بالإحداد أسفاً عَلَيْهِ فَيَحْنُوَ عَلَيْهَا، وَيَرْغَبَ فِي مُرَاجَعَتِهَا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُسْتَحَبُّ لَهَا، وَتُنْدَبُ إِلَى التَّصَنُّعِ لَهُ بِالزِّينَةِ لِيَمِيلَ إِلَيْهَا فَيَرْغَبَ فِي مُرَاجَعَتِهَا.

(فَصْلٌ)

وَأَمَّا الْمُخْتَلَفُ فِي وُجُوبِ الْإِحْدَادِ عَلَيْهَا فَهِيَ الْمَبْتُوتَةُ، وَالْمُخْتَلِعَةُ، وَالْمُلَاعِنَةُ فَالْإِحْدَادُ مُسْتَحَبٌّ لَهُنَّ وَفِي وُجُوبِهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَبِهِ قَالَ فِي الْقَدِيمِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْمُزَنِيِّ أَنَّ الْإِحْدَادَ فِي عِدَّةِ الْبَنَاتِ وَاجِبٌ كَوُجُوبِهِ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ لِأَنَّهُمَا عِدَّتَانِ عَنْ نِكَاحٍ لَا سَبِيلَ عَلَيْهِمَا فِيهَا لِزَوْجٍ؛ وَلِأَنَّ عِدَّةَ الْمَبْتُوتَةِ أَغْلَظُ مِنْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ؛ لِأَنَّهَا تُمْنَعُ مِنَ الْخُرُوجِ نَهَارًا وَلَا تُمْنَعُ مِنْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ فَكَانَتْ بِالْإِحْدَادِ أَوْلَى.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَبِهِ قَالَ فِي الْجَدِيدِ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا إِحْدَادَ عَلَيْهَا كَالرَّجْعِيَّةِ لِأَنَّهَا فِي عِدَّةٍ مِنْ طَلَاقٍ؛ وَلِأَنَّ النِّكَاحَ مَوْضُوعٌ، وَلِذَلِكَ يُقَالُ اسْتَنْكَحَهُ المرض إذا دوامه فَإِذَا مَاتَ عَنْهَا فَقَدِ اسْتَوْفَى مُدَّةَ نِكَاحِهِ فَوَجَبَ الْإِحْدَادُ فِي عِدَّتِهِ لِرِعَايَةِ حُرْمَتِهِ، وَخَالَفَ الْمَبْتُوتَةَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَبَى عِصْمَتَهَا فَلَمْ يَجِبِ الْإِحْدَادُ فِي عِدَّتِهِ لِقَطْعِ حُرْمَتِهِ.

(فَصْلٌ)

فَأَمَّا الْمُزَنِيُّ فَاعْتَرَضَ عَلَى الشَّافِعِيِّ فِي فُرْقَةِ الْإِحْدَادِ بَيْنَ عِدَّةِ الْمَوْتِ وَعِدَّةِ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُمَا قَدْ يَخْتَلِفَانِ فِي حَالٍ وَإِنِ اجْتَمَعَا فِي غَيْرِهِ فَأَنْكَرَ الْمُزَنِيُّ هَذَا التَّعْلِيلَ فِي فُرْقَتِهِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُمَا قَدْ يَخْتَلِفَانِ فِي حَالٍ إِذَا اجْتَمَعَا فِي أُخْرَى فَقَالَ: كُلُّ مَا قِيسَ عَلَى أَصْلٍ فَهُوَ مُشْتَبِهٌ لَهُ مِنْ وَجْهٍ وَإِنْ خَالَفَهُ مِنْ غَيْرِهِ فَجَعَلَ الْمُزَنِيُّ اجْتِمَاعَهُمَا فِي حَالٍ يُوجِبُ اشْتِرَاكَهُمَا وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي أُخْرَى ثُمَّ قَالَ: لَوْ لَمْ يَكُنْ مِنَ الْقِيَاسِ إِلَّا بِاجْتِمَاعِ كُلِّ الْوُجُوهِ لَبَطَلَ الْقِيَاسُ.

وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا أَنْ يُقَالَ لِلْمُزَنِيِّ: أَمَّا آخِرُ كَلَامِكَ فِي أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْقِيَاسِ

<<  <  ج: ص:  >  >>