للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهِ وَلَا تَسْقُطُ بِالْمُعَامَلَةِ كَمَا لَا تَسْقُطُ بِهَا جِزْيَةُ غَيْرِهِمْ، وَلَوْ جَازَ هَذَا فِيهِمْ لَكَانَ فِي أَهْلِ فَدَكَ أَجْوَزَ، لِأَنَّهُ فَتَحَهَا صُلْحًا، وَفَتَحَ خَيْبَرَ عَنْوَةً، وَأَحْسَبُ أَبَا عَلِيِّ بْنَ أَبِي هُرَيْرَةَ لَمَّا رَأَى الْوُلَاةَ عَلَى هَذَا أَخْرَجَ لِفِعْلِهِمْ وَجْهًا، وَمَا لَمْ يُثْبِتْهُ الْفُقَهَاءُ لِنَقْلٍ أَوْجَبَ التَّخْصِيصَ فَحُكْمُ الْعُمُومِ فِيهِ أمضى. والله أعلم.

[(مسألة)]

: قال الشافعي:: " وَمَنْ بَلَغَ وَأُمُّهُ نَصْرَانِيَّةٌ وَأَبُوهُ مَجُوسِيٌّ أَوْ أُمُّهُ مَجُوسِيَّةٌ وَأَبُوهُ نَصْرَانِيٌّ فَجِزْيَتُهُ جِزْيَةُ أَبِيهِ لِأَنَّ الْأَبَ هُوَ الَذِي عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ لَسْتُ أَنْظُرُ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَجُمْلَتُهُ أَنَّهُ إِذَا اخْتَلَفَ حُكْمُ أَبَوَيِ الْكَافِرِ فِي حُكْمِ كُفْرِهِمَا الْمُتَعَدِّي عَنْهُمَا إِلَى وَلَدِهِمَا تَعَلَّقَ بِاخْتِلَافِهِمَا أَرْبَعَةُ أَحْكَامٍ:

أَحَدُهَا: الْجِزْيَةُ.

وَالثَّانِي: النِّكَاحُ وَالذَّبِيحَةُ.

وَالثَّالِثُ: عَقْدُ الذِّمَّةِ.

وَالرَّابِعُ: الدِّيَةُ.

فَأَمَّا الْحُكْمُ الْأَوَّلُ: وَهُوَ الْجِزْيَةُ، فَهُوَ أَنْ يَكُونَ أَبُوهُ نَصْرَانِيًّا لَهُ جِزْيَةٌ، وَأُمُّهُ يَهُودِيَّةً لِقَوْمِهَا جِزْيَةٌ أُخْرَى، فَجِزْيَةُ الْوَلَدِ جِزْيَةُ أَبِيهِ دُونَ أُمِّهِ سَوَاءٌ قَلَّتْ جِزْيَةُ أَبِيهِ أَوْ كَثُرَتْ لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ دَاخِلٌ فِي نَسَبِ أَبِيهِ دُونَ أُمِّهِ، فَدَخَلَ فِي جِزْيَتِهِ دُونَهَا.

وَالثَّانِي: أَنَّ الْجِزْيَةَ عَلَى أَبِيهِ دُونَ أُمِّهِ، فَدَخَلَ فِي جِزْيَةِ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ دُونَ مَنْ لَا تَجِبْ عَلَيْهِ.

وَأَمَّا الْحُكْمُ الثَّانِي: وَهُوَ اسْتِبَاحَةُ النِّكَاحِ وَالذَّبِيحَةِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ يَهُودِيًّا، وَالْآخَرُ مَجُوسِيًّا، فَيُنْظَرُ.

فَإِنْ كَانَ أَبُوهُ مَجُوسِيًّا وَأُمُّهُ نَصْرَانِيَّةً، لَمْ تَحِلَّ ذَبِيحَةُ الْوَلَدِ وَلَمْ يُنْكَحْ إِنْ كَانَ امْرَأَةً تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْحَظْرِ، وَاعْتِبَارًا بِلُحُوقِ النَّسَبِ.

وَإِنْ كَانَ أَبُوهُ نَصْرَانِيًّا وَأُمُّهُ مَجُوسِيَّةً، فَفِيهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: يُعْتَبَرُ بِأَبِيهِ وَاسْتِبَاحَةِ نِكَاحِهِ، وَأَكْلِ ذَبِيحَتِهِ، تَعْلِيلًا بِلُحُوقِ النَّسَبِ بِهِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يُعْتَبَرُ بِأُمِّهِ فِي حَظْرِ نِكَاحِهِ، وَتَحْرِيمِ ذَبِيحَتِهِ تَعْلِيلًا لِتَغْلِيبِ الْحَظْرِ عَلَى الْإِبَاحَةِ.

وَأَمَّا الْحُكْمُ الثَّالِثُ: وَهُوَ عَقْدُ الذِّمَّةِ، فَهُوَ أَنْ يَكُونَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ كِتَابِيًّا يُقَرُّ بِالْجِزْيَةِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>