للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[فهذا صلح جائز لأنه بيع سفل يعلو لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ بِنَاءً مَعْلُومًا فَيَكُونُ صُلْحَ مُعَاوَضَةٍ] فَهَذَا قَوْلُ أَبِي عَلِيٍّ.

وَالْمَذْهَبُ الثَّالِثُ: وَهُوَ قول أبي الطيب ابن سَلَمَةَ إِنَّهَا مُصَوَّرَةٌ فِيمَنِ ادَّعَى بَيْتًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ فَاعْتَرَفَ لَهُ بِجَمِيعِهِ ثُمَّ إِنَّ الْمُقَرَّ لَهُ تَرَكَ لِلْمُقِرِّ سُفْلَ الْبَيْتِ تَرْكَ إِبْرَاءٍ لِيَبْنِيَ لِنَفْسِهِ عَلَى مَا بَقِيَ لَهُ مِنَ الْعُلُوِّ بِنَاءً مَعْلُومًا.

فَهَذَا صُلْحٌ جَائِزٌ وَيَكُونُ صُلْحَ حَطِيطَةٍ وَإِبْرَاءٍ فَهَذَا قَوْلُ أَبِي الطَّيِّبِ.

(فَصْلٌ)

فَأَمَّا الْمُزَنِيُّ فَإِنَّهُ مَنَعَ جَوَازَ الصُّلْحِ عَلَى سَقْفِ بَيْتِهِ لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ بِنَاءً مَعْلُومًا كَمَا لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عَلَى إِخْرَاجِ جَنَاحٍ وَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا وَهَذَا خَطَأٌ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا يَمْنَعُ مِنْ تَسَاوِي حُكْمِهِمَا وَذَلِكَ أَنَّ الصُّلْحَ عَلَى إِخْرَاجِ الْجَنَاحِ صُلْحٌ عَلَى الْهَوَاءِ الَّذِي لَا يَمْلِكُ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَمْلِكَ بِهِ عِوَضًا.

وَالصُّلْحُ عَلَى الْبِنَاءِ عَلَى السَّقْفِ صُلْحٌ عَلَى مَمْلُوكٍ فَجَازَ أَنْ يُمْلَكَ بِهِ عِوَضًا كَمَا لَوْ صَالَحَهُ عَلَى الْبِنَاءِ فِي قرار أرضه.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوِ اشْتَرَى عُلُوَّ بَيْتٍ عَلَى أَنْ يَبْنِيَ عَلَى جُدْرَانِهِ وَيَسْكُنَ عَلَى سَطْحِهِ أَجَزْتُ ذَلِكَ إذا سمينا مُنْتَهَى الْبُنْيَانِ لِأَنَّهُ لَيْسَ كَالْأَرْضِ فِي احْتِمَالِ مَا يُبْنَى عَلَيْهَا (قَالَ الْمُزَنِيُّ) هَذَا عِنْدِي غَيْرُ مَنْعِهِ فِي كِتَابِ أَدَبِ الْقَاضِي أَنْ يَقْتَسِمَا دَارًا عَلَى أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا السُّفْلُ وَلِلْآخَرِ الْعُلُوُّ حَتَّى يَكُونَ السُّفْلُ وَالْعُلُوُّ لِوَاحِدٍ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ. يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ عُلُوَّ بَيْتٍ دُونَ سُفْلِهِ.

وَمَنَعَ أبو حنيفة مِنْ إِفْرَادِ الْعُلُوِّ بِالْعَقْدِ دُونَ السُّفْلِ لِأَنَّ الْعُلُوَّ تَبَعٌ يَجْرِي مَجْرَى الْمَرَافِقِ الَّتِي لَا يَجُوزُ إِفْرَادُهَا بِالْعَقْدِ.

وَهَذَا خَطَأٌ لِأَنَّ الْعُلُوَّ عَيْنٌ مَمْلُوكَةٌ يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهَا فَجَازَ أَنْ يُفْرَدَ بِعَقْدِ الْبَيْعِ كَالسُّفْلِ.

وَلِأَنَّ الْبِنَاءَ تَبَعٌ لِلْعَرْصَةِ فِي الْبَيْعِ وَيَجُوزُ إِفْرَادُهَا بِالْعَقْدِ وَكَذَلِكَ الْعُلُوُّ وَهَذَا دَلِيلٌ وَانْفِصَالٌ.

(فَصْلٌ)

فَإِذَا ثَبَتَ جَوَازُ بِيعِ الْعُلُوِّ مُنْفَرِدًا دُونَ السُّفْلِ فَلَا يَخْلُو حَالُهُمَا إِذَا تَبَايَعَاهُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

<<  <  ج: ص:  >  >>