٥ - وَبَيْنَ أَنْ يَدْفَعُوهَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ إِلَى الْمَسَاكِينِ، وَيَكُونُ هُمُ الْقَاسِمِينَ، وَإِنْ قِيلَ: إِنَّ الْقِسْمَةَ بَيْعٌ لَمْ يَجُزِ الْقِسْمَةُ فَإِنْ أَرَادَ الْمُتَقَرِّبُونَ أَنْ يَتَقَاسَمُوهُ لَمْ تَجُزْ لِمَعْنَيَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ لُحُومَ الْقُرَبِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَهَا الْمُتَقَرِّبُ.
وَالثَّانِي: أَنَّ الطَّعَامَ الرَّطْبَ لَا يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضِ خَوْفِ الرِّبَا، وَإِنْ أَرَادَ الْمَسَاكِينُ أَنْ يَتَقَاسَمُوهُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَقَاسَمُوهُ لِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَهُوَ خَوْفُ الرِّبَا، لِأَنَّ بَيْعَهُمْ لَمَّا أَخَذُوهُ مِنَ الْقُرْبِ جَائِزٌ وَإِنْ تَرَكُوهُ حَتَّى يجف ثم اقتسموه جاز.
[(مسألة:)]
قال الشافعي: " وَالْأَضْحَى جائزٌ يَوْمَ النَّحْرِ وَأَيَّامُ مِنًى كُلُّهَا إلى المغيب لأنها أيام نسكٍ (قال المزني) رحمه الله وهو قول عطاءٍ والحسن أخبرنا عليُّ بن معبدٍ عن هشيمٍ عن يونس عن الحسن أنه قال يضحى أيام التشريق كلها وحدثنا عليُّ بن معبدٍ عن هشيمٍ عن الحجاج عن عطاءٍ أنه كان يقول يضحى في أيام التشريق ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا أَيَّامُ نَحْرِ الضَّحَايَا وَالْهَدَايَا فَمُخْتَلَفٌ فِيهَا عَلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ:
أَحَدُهَا: وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَجُمْهُورِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَالْفُقَهَاءِ أَنَّهَا أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ إِلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ الثَّلَاثَةِ حَتَّى تَغِيبَ شَمْسُهُ.
وَالْمَذْهَبُ الثَّانِي: مَا قَالَهُ مَالِكٌ: إِنَّهَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ إِلَى آخِرِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَهُوَ يَوْمُ النَّفْرِ الْأَوَّلِ.
وَالْمَذْهَبُ الثَّالِثُ: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ إنَّهَا مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ إِلَى آخِرِ ذِي الْحِجَّةِ، بِرِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسُلَيْمَانَ بن يسار أنه بلغها أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِنَّ الضَّحَايَا إِلَى هِلَالِ الْمُحَرَّمِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَأْنِيَ ذَلِكَ ".
وَرَوَى يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حنيف يقول: إنه كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَشْتَرِي أَحَدُهُمُ الْأُضْحِيَّةَ وَيُسَمِّنُهَا، فَيَذْبَحُهَا بَعْدَ الْأَضْحَى فِي آخِرِ ذِي الْحِجَّةِ، وَدَلِيلُنَا قَوْله تَعَالَى:: {وَيَذْكُرُواْ اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ) {الحج: ٢٨) . وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِيهَا، وَلَكِنْ لَمَّا جُعِلَ لِلنَّحْرِ أَيَّامًا بَطَلَ أَنْ يَكُونَ شَهْرًا.
وَرَوَى سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَيَّامُ التَّشْرِيقِ كُلُّهَا ذبحٌ ".