يقطع؛ لما تُرِكَ فِي صُحُونِ الْمَسَاكِنِ الَّتِي يُدْخَلُ إِلَيْهَا وَيُخْرَجُ مِنْهَا وَقُطِعَ بِمَا فِي الْبُيُوتِ الْمُقْفَلَةِ مِنْهُ، فَلَوْ كَانَ فِي جِدَارِ الدَّارِ فَتْحَةٌ طويلة، وكانت عَالِيَةً لَا تُنَالُ فَالْحِرْزُ بِحَالِهِ، وَإِنْ كَانَتْ قَصِيرَةً نُظِرَ: فَإِنْ كَانَتْ ضَيِّقَةً لَا يُمْكِنُ وُلُوجُهَا إِلَّا بِهَدْمِ بُنْيَانٍ لَمْ تَمْنَعْ مِنَ الْحِرْزِ، وَإِنْ كَانَتْ وَاسِعَةً يُمْكِنُ وُلُوجُهَا مُنِعَتْ مِنَ الْحِرْزِ. وَصَارَتْ كَالْبَابِ الْمَفْتُوحِ، فَإِنْ كَانَ عَلَيْهَا بَابٌ كَبَابِ الدَّارِ فِي الْوِثَاقَةِ جَرَى مَجْرَاهُ، وَجَازَ فَتْحُهُ نَهَارًا وَغَلْقُهُ لَيْلًا، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهَا شُبَّاكٌ فَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا لَا يُرَدُّ فَلَيْسَ بِحِرْزٍ، وَإِنْ كَانَ قَوِيًّا مِنْ حَدِيدٍ أَوْ خَشَبٍ وَثِيقٍ كَانَ حِرْزًا فَهَذَا حُكْمُ الْمَسَاكِنِ.
(فَصْلٌ)
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ: وَهُوَ بُيُوتُ الْخَانَاتِ الَّتِي يُدْخَلُ إِلَى صُحُونِهَا بِغَيْرِ إِذْنٍ وَيَنْفَرِدُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِهَا بِبَيْتٍ فلها حكمان:
أحدهما: حكم صحوتها.
وَالثَّانِي: حُكْمُ بُيُوتِهَا.
فَأَمَّا حُكْمُ صُحُونِهَا إِذَا تُرِكَ فِيهِ مَتَاعٌ فَهُوَ غَيْرُ حِرْزٍ فِي النَّهَارِ مِنْ أَهْلِ الْخَانِ وَغَيْرِ أَهْلِهِ؛ لِاسْتِبْذَالِهِ بالدخول مِنْ غَيْرِ إِذْنٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَ الْمَتَاعِ حَافِظٌ يَرَاهُ فَيَصِيرُ بِهِ مُحْرِزًا. فَأَمَّا الليل إذا غلق عَلَى الْخَانِ بَابَهُ فَهُوَ حِرْزٌ لِمَا فِي صَحْنِهِ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِ، وَلَا يَكُونُ حِرْزًا مَعَ أَهْلِهِ، فَإِنْ سَرَقَهُ غَيْرُهُمْ قُطِعَ، وَإِنْ سَرَقَهُ أَحَدُهُمْ لَمْ يُقْطَعْ.
وَأَمَّا حُكْمُ بُيُوتِهَا فَكُلُّ بَيْتٍ مِنْهَا حِرْزٌ لِصَاحِبِهِ مِنْ أَهْلِ الخان وغير أهله فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَعًا، وَكَمَالُ حِرْزِهِ مُعْتَبَرٌ بِشَرْطَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ بَابُهُ مُغْلَقًا مُقْفَلًا.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ لِجَمِيعِ بُيُوتِ الْخَانِ حَافِظٌ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ حَالُ كُلِّ بَيْتٍ هَلْ قَصَدَهُ صَاحِبُهُ أَوْ غَيْرُ صَاحِبِهِ؟ وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ بَيْتٍ حَافِظٌ، وَلَا أَنْ يَكُونَ صَاحِبُهُ فِيهِ؛ لِأَنَّهَا بُيُوتٌ وُضِعَتْ فِي الأغلب لإحراز الأمتعة دون السكنى، فَإِنْ سَكَنَهَا قَوْمٌ صَارَ كُلُّ بَيْتٍ بِسُكْنَى صاحبه حرزاً فصار مَا لَا سَاكِنَ فِيهِ مِنْهَا أَخْطَرَ يَحْتَاجُ إِلَى فَضْلِ مُرَاعَاةٍ فِي لَيْلِهِ دُونَ نَهَارِهِ.
فَهَذِهِ سَبْعَةُ أَمْثِلَةٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْأَحْرَازِ أَطْلَقَ الشَّافِعِيُّ ذِكْرَهَا فَاسْتَوْفَيْنَا شَرْحَهَا وَشُرُوطَهَا لِيَعْتَبِرَ بِهَا نظائرها، وهناك نوع ثَامِنٌ لَمْ نَذْكُرْهُ وَهُوَ حِرْزُ الثِّمَارِ.
وَالْأَصْلُ فِي حِرْزِ الثِّمَارِ مَا رُوِيَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ مُزَيْنَةَ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute