للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابٌ مَنْ لَهُ عُذْرٌ بِالضَّعْفِ وَالضَّرَرِ وَالزَّمَانَةِ والعذر بترك الجهاد من كتاب الجزية

[(مسألة)]

: قال الشافعي: " قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا على المرضى} الآية قال {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ} وَقَالَ {لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأعرج حرج ولا على المريض حرج} فَقِيلَ: الْأَعْرَجُ الْمُقْعَدُ وَالْأَغْلَبُ أَنَّهُ عَرَجُ الرِّجْلِ الْوَاحِدَةِ وَقِيلَ نَزَلَتْ فِي وَضْعِ الْجِهَادِ عَنْهُمْ (قال) ولا يحتمل غيره فإن كان سالم البدن قويه لا يجد أهبة الخروج ونفقة من تلزمه نفقته إلى قدر ما يرى لمدته في غزوة فهو ممن لا يجد ما ينفق فليس له أن يتطوع بالخروج ويدع الفرض "

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا الْأَعْذَارُ الَّتِي يَسْقُطُ بِهَا فَرْضُ الْحَجِّ وَالْجِهَادِ عَنْ أَهْلِهِ فَقَدْ ذَكَرَهَا الشَّافِعِيُّ أَرْبَعَةَ أَعْذَارٍ، الْعَمَى وَالْعَرَجُ، وَالْمَرَضُ، وَالْعُسْرَةُ. وَقَدْ بَيَّنَهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي آيَتَيْنِ مِنْ كِتَابِهِ:

أَحَدُهُمَا: قَوْلُهُ فِي سُورَةِ التَّوْبَةِ: {لَيْسَ على الضعفاء} [٩١] وَفِيهِمْ ثَلَاثَةُ تَأْوِيلَاتٍ:

أَحَدُهَا: إنَّهُمُ الصِّغَارُ لِضَعْفِ أَبْدَانِهِمْ.

وَالثَّانِي: الْمَجَانِينُ لِضَعْفِ عُقُولِهِمْ.

وَالثَّالِثُ: إنَّهُمُ الْعُمْيَانُ لِضَعْفِ تَصَرُّفِهِمْ كَمَا قِيلَ فِي تَأْوِيلِ قوله تعالى في شعيب: {إنا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا} [هود: ٩١] . أَيْ: ضَرِيرًا. ثُمَّ قَالَ: {وَلا عَلَى الْمَرْضَى} [التوبة: ٩١] يُرِيدُ بِهِ مَرْضَى الْبَدَنِ إِذَا عَجَزَ بِهِ تَصَرُّفُهُ الصَّحِيحُ، {وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ} [التوبة: ٩١] وَهُمُ الْفُقَرَاءُ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نَفَقَةَ جِهَادِهِمْ {إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: ٩١] فيه تأويلان:

أحدهما: أن يبرؤوا مِنَ النِّفَاقِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَقُومُوا بِحِفْظِ الْمُخَلَّفِينَ.

فَإِنْ قِيلَ بِالتَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ كَانَ رَاجِعًا إِلَى جَمِيعِ مَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنَ الضُّعَفَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>