للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مَعْدُومًا فِي الْحَوْلِ كُلِّهِ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا فِي آخِرِهِ مَعْدُومًا فِي أَوَّلِهِ، فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لَا شَيْءَ فِيهِ اعْتِبَارًا بِالزَّكَاةِ، وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي يَجِبُ فِيهِ ضِعْفُ الصَّدَقَةِ اعْتِبَارًا بِالْجِزْيَةِ.

وَالرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا فِي اول الحول معدوما في آخره فينتظر فِيهِ فَإِنْ عُدِمَ بِالتَّلَفِ، فَلَا شَيْءَ فِيهِ، وإن عدم بنقله إلى مال غيره مُزَكًّى أُخِذَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُمْ مُتَّهَمُونَ لَا يَتَدَيَّنُونَ بِأَدَائِهَا، فَأُخِذَتْ مِنْهُمْ، وَالْمُسْلِمُونَ لَا يُتَّهَمُونَ؛ لِأَنَّهُمْ يَتَدَيَّنُونَ بِأَدَائِهَا، فَلَمْ تُؤْخَذْ مِنْهُمْ.

(فَصْلٌ)

: وَإِذَا بَذَلَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ لِلْإِمَامِ فِي وَقْتِنَا أَنْ يَعْقِدَ مَعَهُمُ الذِّمَّةَ عَلَى مُضَاعَفَةِ الصدقة كالذي فعله عمر جاز اقتداء به، واتباعا، وَلَوْ سَأَلُوهُ أَنْ يَعْقِدَهَا عَلَى صَدَقَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ غَيْرِ مُضَاعَفَةٍ جَازَ إِذَا لَمْ تَنْقُصْ عَنْ دِينَارِ الْجِزْيَةِ، فَإِنْ نَقَصَتْ عَنْهُ لَمْ يجز أن بعقدها مَعَهُمْ وَجْهًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنَ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ، إِنَّمَا هِيَ فِي عَقْدٍ أَمْضَاهُ إِمَامٌ مُجْتَهِدٌ، فَإِذَا عَقَدَ عَقْدًا مُسْتَأْنَفًا، فَلَا يَمْضِي بِأَقَلَّ مِنْ دِينَارِ الْجِزْيَةِ، فَإِنْ بَلَغَ أَخْذَهَا مِنْ بَعْضِهِمْ دِينَارًا عَلَى كُلِّ رَأْسٍ مِنْهُمْ، فَفِي جَوَازِهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ فِيهِمْ مَنْ لَا يُؤَدِّي دِينَارًا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ أَخْذُ دِينَارٍ عَنْ كُلِّ رَأْسٍ وَقَدْ أُخِذَ.

فَعَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ، لَوْ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَقَدَ الْجِزْيَةَ عَلَى نَفْسِهِ، وَمِائَةِ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ يُؤَدُّونَهَا مِنْ مَالِهِ نُظِرَ فِي مَوْضُوعِهَا، فإن أوجبها عليهم وتحملها عنهم جاز؛ لأن تَبَرَّعَ بِهَا وَهُمْ مَأْخُوذُونَ بِهَا إِنِ امْتَنَعَ مِنْهَا، وَإِنْ أَوْجَبَهَا عَلَى نَفْسِهِ لِتَكُونَ عَنْهُ وَعَنْهُمْ، فَفِي جَوَازِهِ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنَ الْوَجْهَيْنِ:

أحدهما: هو قول أبو إِسْحَاقَ، لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُمْ يُقِيمُونَ بِغَيْرِ جِزْيَةٍ تلزمهم

والثاني: وهو قول أبو عَلِيٍّ، يَجُوزُ لِحُصُولِ الْفَرْضِ الْمَطْلُوبِ مِنْهُمْ.

(فَصْلٌ)

: إِذَا قَالَ: مَنْ بَذَلَ ضِعْفَ الصَّدَقَةِ أَنَفَةً مِنَ اسْمِ الْجِزْيَةِ قَدْ أَسْقَطْتُ اسْمَ الصَّدَقَةِ عَنِّي، وَرَضِيتُ بِاسْمِ الْجِزْيَةِ، فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي سُقُوطِهَا وَالِاقْتِصَارِ عَلَى دِينَارِ الْجِزْيَةِ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: تَسْقُطُ مُضَاعَفَةُ الصَّدَقَةِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ مَا قَدْ أَسْقَطَ عَنْ نَفْسِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ أَصَحُّ أَنَّهُ لَا تَسْقُطُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْجِزْيَةِ مَوْجُودٌ فِي الْحَالَيْنِ، فَلَمْ يَكُنْ لِاخْتِلَافِ الْأَسْمَاءِ تَأْثِيرٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>