للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إِنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَهُ بِأَيْمَانِ آبَائِهِمْ، لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ بِأَيْمَانِهِمْ وَقْفًا مُؤَبَّدًا، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكْمُلَ لِلْأَبْنَاءِ أَنْ يَصِيرَ مِلْكًا مُطْلَقًا.

فَإِنِ انْقَرَضَ الْأَبْنَاءُ وَأَفْضَى الْوَقْفُ إِلَى الْمَسَاكِينِ، فَلَا أَيْمَانَ عَلَيْهِمْ، لِأَنَّهُمْ غَيْرُ مُتَعَيِّنِينَ وَاسْتِحْقَاقُهُمْ لَهُ مُعْتَبَرٌ بِالْأَبْنَاءِ.

فَإِنْ قِيلَ بِالظَّاهِرِ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إِنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَهُ بِأَيْمَانِ آبَائِهِمِ اسْتَحَقَّهُ الْمَسَاكِينُ، بِتِلْكَ الْأَيْمَانِ.

وَإِنْ قِيلَ: بِمَذْهَبِ أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ سُرَيْجٍ إِنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّهُ الْأَبْنَاءُ إِلَّا بِأَيْمَانِهِمْ، فَلَهُ فِي اسْتِحْقَاقِ الْمَسَاكِينِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: إِنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ لِلضَّرُورَةِ فِي عَدَمِ التَّعْيِينِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: إِنَّهُ لَا حَقَّ لَهُمْ فِيهِ، ويعود ملكا مطلقا.

ومن مَذْهَبِ أَبِي الْعَبَّاسِ أَنَّ الْوَقْفَ الْمُقَدَّرَ بِمُدَّةٍ يَصِحُّ، وَإِنْ كَانَ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ لَا يَصِحُّ حَتَّى يَكُونَ مُؤَبَّدًا، وَإِنْ مَاتَ الْأُخْوَةُ الثَّلَاثَةُ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ، فَإِنْ مَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَادَ نَصِيبُهُ إِلَى أَخَوَيْهِ، وَصَارَتْ مَنْفَعَةُ الْوَقْفِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَإِنْ مَاتَ ثَانٍ عَادَ نَصِيبُهُ إِلَى الْبَاقِي، فَصَارَ لَهُ جَمِيعُ الْمَنْفَعَةِ إِذَا كَانَ شَرْطُ الْوَقْفِ الْمُرَتَّبِ أَنْ يَعُودَ سَهْمُ مَنْ مَاتَ، اسْتَحَقَّهُ هُوَ فِي دَرَجَتِهِ، فَإِنْ أَطْلَقَ الشَّرْطَ، فَفِي مُسْتَحَقِّ سَهْمِ الْمَيِّتِ قَبْلَ انْقِرَاضِهِمْ جَمِيعِهِمْ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَسْتَحِقُّهُ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ كَمَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ مَشْرُوطًا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَسْتَحِقُّهُ الْمَسَاكِينُ حَتَّى يَنْقَرِضَ جَمِيعُهُمْ، فَيَسْتَحِقُّهُ الْبَطْنُ الثَّانِي، وَإِذَا وَجَبَ عَوْدُ هَذَا الْوَقْفِ إِلَى الْبَاقِي مِنَ الثَّلَاثَةِ كَانَ فِي اسْتِحْقَاقِهِ بِالْيَمِينِ مُعْتَبَرًا بِاسْتِحْقَاقِ الْبَطْنِ الثَّانِي، فَإِنْ جُعِلَ لَهُمْ بِغَيْرِ يَمِينٍ كَانَ مَا عَادَ إِلَى الْبَاقِي عَلَى أَخَوَيْهِ مُسْتَحِقًّا لَهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ، وَإِنْ لَمْ يُجْعَلْ لِلْبَطْنِ الثَّانِي إِلَّا بِأَيْمَانِهِمْ، فَفِيمَا عَادَ إِلَى الْبَاقِي عَنْ إِخْوَتِهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: إِنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّهُ إِلَّا بِيَمِينٍ، لِأَنَّهُ صَارَ إِلَيْهِ عَنْ غَيْرِهِ كَالْبَطْنِ الثَّانِي.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: إِنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ، لِأَنَّهُ قَدْ حَلَفَ عَلَيْهِ مَرَّةً، فَلَمْ يَحْتَجْ إِلَى يَمِينٍ ثَانِيَةٍ. وَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ خَالَفَ الْبَطْنُ الثَّانِي ثُمَّ حُكْمُ الْبَطْنِ الثَّالِثِ بَعْدَ الثَّانِي كَحُكْمِ الْبَطْنِ الثَّانِي بَعْدَ الْأَوَّلِ.

(فَصْلٌ)

: وَأَمَّا الْحَالُ الثَّانِيَةُ: وَهُوَ أَنْ يَنْكُلَ الْإِخْوَةُ الثَّلَاثَةُ عَنِ الْيَمِينِ مَعَ شَاهِدِهِمْ، فَتَكُونَ الدَّارُ بَعْدَ إِحْلَافِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ تَرِكَةً فِي الظَّاهِرِ، فَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دُيُونٌ يَسْتَوْعِبُهَا قُضِيَتْ مِنْ ثَمَنِهَا، وَبَطَلَ وَقْفُهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ دُيُونٌ، فَكَانَتْ وَصَايَا أَمْضَى مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>