للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِذَا حَضَرَ جَمَاعَةٌ بَيْتَ رَجُلٍ فَلَيْسَ لَهُمُ الصَّلَاةُ فِيهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ، لِأَنَّهُ أَحَقُّ بِالتَّصَرُّفِ فِي مَنْزِلِهِ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُمْ فِي الصَّلَاةِ فَهُوَ أَحَقُّهُمْ بِالْإِمَامَةِ، وَإِنْ كَانَ دُونَهُمْ فِي الْقِرَاءَةِ وَالسِّنِّ وَالشَّرَفِ، إِذَا كَانَ يُحْسِنُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا تَصِحُّ بِهِ إِمَامَتُهُ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَيْهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ، فَإِنْ أَمَّهُمْ أَوْ أَذِنَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ جَمَعُوا وَإِلَّا صَلَّوْا فُرَادَى وَلَمْ يَجْمَعُوا

وَالدَّلَالَةُ عَلَى ذَلِكَ رِوَايَةُ أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَحَقُّ النَّاسِ بِالْإِمَامَةِ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً فَأَكْبَرُهُمْ سِنًّا، وَلَا يَؤُمُّ رَجُلٌ رَجُلًا فِي بَيْتِهِ وَلَا فِي وِلَايَةِ سُلْطَانِهِ وَلَا يَجْلِسُ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ ". وَرَوَى قَتَادَةُ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى أَبِي أَسَدٍ أَنَّهُ قَالَ جَاءَنِي أَبُو ذَرٍّ وَحُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ فَلَمَّا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ تَقَدَّمَ أَبُو ذَرٍّ فَقَالَ حُذَيْفَةُ: وَذَا كَرَبِّ الْبَيْتِ وَهُوَ أَحَقُّ بِالصَّلَاةِ، فَقَالَ: كَذَلِكَ يَا ابْنَ مَسْعُودٍ؟ قَالَ: نَعَمْ رَبُّ الْبَيْتِ

وَرُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ صَاحِبُ الدَّارِ أَحَقُّ بِالدَّارِ

(فَصْلٌ)

: فَلَوْ كَانَ صَاحِبُ الدَّارِ أُمِّيًّا اعْتُبِرَتْ حَالُهُمْ، فَإِنْ كَانُوا مِثْلَهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِإِمَامَتِهِمْ، وَإِنْ كَانُوا أَقْرَأَ فَلَا حَقَّ لَهُ فِي الْإِمَامَةِ وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَجْمَعُوا إِلَّا بِإِذْنِهِ، فَإِنْ أَذِنَ لِأَحَدِهِمْ فَهُوَ أَحَقُّ بِإِمَامَتِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ صَلَّوْا فُرَادَى، وَلَوْ كَانَ صَاحِبُ الدَّارِ امْرَأَةً فَلَا حَقَّ لَهَا فِي الْإِمَامَةِ، إِلَّا أن يكونوا نساء ليس لهن أن يأموا بِإِحْدَاهُنَّ إِلَّا بِإِذْنِهَا، وَلَوْ كَانَ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا اسْتُؤْذِنَ وَلِيُّهُ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُمْ جَمَعُوا، وَإِلَّا صَلَّوْا فُرَادَى، فَلَوْ كَانَ صَاحِبُ الدَّارِ عَبْدًا فَإِنْ كَانَ سَيِّدُهُ حَاضِرًا فَهُوَ أَوْلَى بِالْإِمَامَةِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَالْعَبْدُ أَوْلَى بِالْإِمَامَةِ لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا فَهُوَ أَوْلَى بِالتَّصَرُّفِ مِنْ غَيْرِهِ، فَأَمَّا الْمُكَاتَبُ فَهُوَ أَحَقُّ مِنْ سَيِّدِهِ لِأَنَّهُ أَمْلَكُ بِالتَّصَرُّفِ مِنْهُ، فَلَوْ حَضَرَ رَبُّ الدَّارِ وَمُسْتَأْجِرُهَا فَمُسْتَأْجِرُهَا أَوْلَى بِالْإِمَامَةِ مِنْ رَبِّهَا، لِأَنَّهُ أَمْلَكُ مِنْهُ لِمَنَافِعِهَا، فَلَوْ حَضَرَ إِمَامُ الْوَقْتِ أَوْ سُلْطَانُ الْبَلَدِ مَنْزِلَ رَجُلٍ فَفِي أَحَقِّهِمْ بِالْإِمَامَةِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: رَبُّ الدَّارِ أَحَقُّ بِهَا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَبُّ الدَّارِ أَحَقُّ بِالدَّارِ، لِأَنَّهُ مَالِكُهَا وَأَحَقُّ النَّاسِ بِمَنَافِعِهَا فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ أَحَقَّ النَّاسِ بِالْإِمَامَةِ فِيهَا لِكَوْنِ الْإِمَامَةِ تَصَرُّفًا فِيهَا

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ أَصَحُّ وَعَلَيْهِ نَصَّ فِي الْجَدِيدِ وَأَشَارَ إِلَيْهِ فِي الْقَدِيمِ أَنَّ الْإِمَامَ وَالسُّلْطَانَ أَوْلَى بِالْإِمَامَةِ مِنْ رَبِّ الدَّارِ؛ لِأَنَّ وِلَايَةَ الْإِمَامَةِ عَامَّةٌ وَوِلَايَةَ رَبِّ الدَّارِ خَاصَّةٌ، وَلِأَنَّ الْإِمَامَ رَاعِي الْجَمَاعَةِ ووالٍ عَلَى الْكَافَّةِ، وَرَبُّ الدَّارِ مِنْ جُمْلَةِ رَعِيَّتِهِ، وَدَاخِلٌ تَحْتَ وِلَايَتِهِ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَيْهِ فِي الْإِمَامَةِ الَّتِي هِيَ عَمُودُ الْوِلَايَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>