للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَلْحَقَ بِهِ بَعْدَ مَا صَارَ مُسْلِمًا وَصَلَّى وَصَامَ وَالْتَزَمَ شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ فَهَذَا يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ الْإِسْلَامِ وَإِنْ لَحِقَ نَسَبُهُ بِذِمِّيٍّ لِأَنَّ فِعْلَهُ لِلْإِسْلَامِ أَقْوَى مِنِ اتِّبَاعِهِ لِغَيْرِهِ فِي الْكُفْرِ فَهَلْ يَصِيرُ بِوَصْفِ الْإِسْلَامِ قَبْلَ الْبُلُوغِ مُسْلِمًا حَتَّى لَوْ رَجَعَ عَنْهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ صَارَ مُرْتَدًّا أَمْ لَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ.

أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَا يَصِيرُ بِذَلِكَ مُسْلِمًا وَسَوَاءٌ أُلْحِقَ بِالذِّمِّيِّ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى أَوْ بِبَيِّنَةٍ شَهِدَتْ لَهُ بِأَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَلْحَقَ بِهِ فِي صِغَرِهِ وَطُفُولَتِهِ وَقَبْلَ صَلَاتِهِ وَصِيَامِهِ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَلْحَقَ بِهِ بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِأَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ فَهَذَا تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْكُفْرِ تَبَعًا لِأَبِيهِ لِأَنَّ قِيَامَ الْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ لِوِلَادَتِهِ عَلَى فِرَاشِهِ تَأَصُّلٌ عَنْ حُكْمِ الْأَصْلِ فِي ظَاهِرِ الدَّارِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَلْحَقَ بِهِ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ فَفِيهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: يُنْقَلُ مِنْ حُكْمِ الْإِسْلَامِ إِلَى حُكْمِ الْكُفْرِ لِأَنَّهُ صَارَ لَاحِقًا بِكَافِرٍ فَصَارَ الظَّاهِرُ غَيْرَ ذَلِكَ الظَّاهِرِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ اخْتِيَارُ الْمُزَنِيِّ إِنَّهُ يَكُونُ بَاقِيًا عَلَى حُكْمِ الْإِسْلَامِ وَلَا يُنْقَلُ عَنْهُ لِلُحُوقِهِ بِكَافِرٍ لِأَنَّ حُكْمَ الدَّارِ أَقْوَى مِنْ دَعْوَى مُحْتَمَلَةٍ فَعَلَى هَذَا إِنْ خِيفَ عَلَيْهِ مِنِ افْتِتَانِهِ بِدِينِ أَبِيهِ حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِيهِ وَأُخِذَ بِنَفَقَتِهِ حَتَّى يَبْلُغَ فَإِنْ بَلَغَ وَوَصَفَ الْإِسْلَامَ تَحَقَّقَ حُكْمُهُ فِيهِ وَإِنْ وَصَفَ الْكُفْرَ وَمَالَ إِلَى دِينِ أَبِيهِ أُرْهِبَ وَخُوِّفَ رَجَاءَ عَوْدِهِ فَإِنْ أَبَى إِلَّا الْمُقَامَ عَلَى الْكُفْرِ فَبَعُدًا لَهُ وَلَا يَصِيرُ بِذَلِكَ مُرْتَدًّا وَيُقِرُّ عَلَى مَا اخْتَارَهُ لِنَفْسِهِ مِنَ الْكُفْرِ لِأَنَّ فِعْلَهُ أَقْوَى حُكْمًا مِنْ غَالِبِ الدَّارِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ:

فَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ أَبُوهُ يَهُودِيًّا فَقَالَ وَقَدْ بَلَغَ لَسْتُ يَهُودِيًّا وَلَا مُسْلِمًا وَإِنَّمَا عَلَى غَيْرِ الْيَهُودِيَّةِ مِنَ الْمِلَلِ كَالنَّصْرَانِيَّةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يُقْبَلُ مِنْهُ وَيُقَرُّ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْكُفْرَ كُلَّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُقْبَلُ مِنْهُ مَا أَرَادَ الِانْتِقَالَ إِلَيْهِ مِنَ الْكُفْرِ وَلَا يُعَادُ إلى دين أبيه لإقراره بأنه ليس إلى عَلَى الْإِسْلَامِ فَإِنْ أَبَاهُ صَارَ مُرْتَدًّا.

فَصْلٌ:

وَإِذَا لَحِقَ اللَّقِيطُ بِمُدَّعِيهِ عِنْدَ عَدَمِ مُنَازِعٍ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ فَبَلَغَ وَأَنْكَرَ نَسَبَهُ وَادَّعَى نَسَبًا غَيْرَهُ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ تُثْبِتُ بِوِلَادَتِهِ عَلَى فِرَاشِ غَيْرِهِ لِأَنَّ لحوق نسبه لم يراعي فِيهِ قَبُولُ الْوَالِدِ فَيُؤَثِّرُ فِيهِ إِنْكَارَهُ وَإِنَّمَا يُرَاعَى ذَلِكَ مِنْهُ فِي ادِّعَاءِ نَسَبِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَلِذَلِكَ أَثَّرَ فِيهِ إِنْكَارُهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ.

فَصْلٌ:

فَإِذَا ادَّعَى الْعَبْدُ لَقِيطًا وَلَدًا فَإِنْ صَدَقَهُ سَيِّدُهُ فِي ادِّعَائِهِ لَحِقَ بِهِ وَإِنْ كَذَبَهُ فِيهِ فَفِي قَبُولِ دَعَوَاهُ وَإِلْحَاقِ نَسَبِهِ بِهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يُقْبَلُ كَمَا لَا يُقْبَلُ إِقْرَارُهُ بَأَبٍ لِمَا فِيهِ مِنْ إِزَاحَتِهِ عَنِ الْمِيرَاثِ بِالْوَلَاءِ لِمَنْ أَعْتَقَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>