للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْجَوَابُ عَلَى قَوْلِ أَبِي الْعَبَّاسِ: أَنَّ كُلَّ واحدة من الأولتين تُطَلَّقُ وَاحِدَةً وَاحِدَةً بِوِلَادَةِ صَاحِبَتِهَا. وَكُلَّ وَاحِدَةٍ من الآخرتين تطلق تطليقتين بولادة الأولتين.

ولا تطلق الأولتين بولادة الآخرتين؛ لِأَنَّهُمَا قَدْ خَرَجَتَا بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِالْوِلَادَةِ، مِنْ أن تكونا صاحبتين للأولتين.

[(مسألة:)]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: (وَلَوْ كَانَ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ كُلَّمَا وَقَعَ عَلَيْكِ طَلَاقِي وَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً طُلِّقَتْ ثَلَاثًا وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا طُلِّقَتْ بِالْأُولَى وَحْدَهَا قال الشافعي وَكَذَلِكَ لَوْ خَالَعَهَا بِطَلْقَةٍ مَدْخُولًا بِهَا قَالَ المزني رحمه الله تعالى أَلْطَفَ الشَّافِعِيُّ فِي وَقْتِ إِيقَاعِ الطَّلَاقِ فَلَمْ يُوقِعْ إِلَّا وَاحِدَةً) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ إِذَا قَالَ لَهَا: كُلَّمَا: وَقَعَ عَلَيْكِ طَلَاقِي، فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَهَا ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ مَدْخُولًا بِهَا.

وَالثَّانِي: أَنْ تَكُونَ غَيْرَ مَدْخُول بِهَا.

وَالثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ مُخْتَلِعَةً.

فَإِنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا فَمَتَى طَلَّقَهَا وَاحِدَةً طُلِّقَتْ ثَلَاثًا، وَاحِدَةً بِمُبَاشَرَتِهِ، وَالثَّانِيَةَ بِالصِّفَةِ وَهُوَ وُقُوعُ الْأُولَى عَلَيْهَا وَالثَّالِثَةَ بِالثَّانِيَةِ، لِأَنَّهَا قَدْ وَقَعَتْ عَلَيْهَا فَصَارَتْ صِفَةً فِي وُقُوعِ الثَّالِثَةِ، وَهَكَذَا لَوْ قَالَ لَهَا بَعْدَ عَقْدِ هَذَا الطَّلَاقِ أَوْ قَبْلَهُ، إِنْ دَخَلَتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَدَخَلَتِ الدَّارَ، طُلِّقَتْ ثَلَاثًا، وَاحِدَةً بِدُخُولِ الدَّارِ، وَثَانِيَةً بِوُقُوعِ الْأُولَى، وَثَالِثَةً بِوُقُوعِ الثَّانِيَةِ وَكَانَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُخَالِفَةً لِمَسْطُورِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ إِذَا قَالَ لَهَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ: إِذَا طَلَّقْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثم طلقها واحدة، طلقت ثنتين لَا غَيْرَ.

وَإِذَا قَالَ لَهَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: كُلَّمَا وَقَعَ عَلَيْكِ طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً طُلِّقَتْ ثَلَاثًا.

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الشَّرْطَ فِي الْأُولَى، فِعْلُ الطَّلَاقِ، وَفِي الثَّانِيَةِ وُقُوعُ الطَّلَاقِ وَفِعْلُ الطَّلَاقِ لَمْ يَتَكَرَّرْ، فلذلك لم يتكرر وقوع الطلاق به.

ووقوع الطلاق قد تكرر، فلذلك تكرر وقوع الطلاق، وَلَوْلَا أَنَّ عَدَدَ الطَّلَاقِ مَقْصُورٌ عَلَى الثَّلَاثِ لَتَنَاهَى وُقُوعُهُ إِلَى مَا لَا غَايَةَ لَهُ، وَلَكِنْ لَوْ قَالَ: كُلَّمَا أَوْقَعْتُ عَلَيْكِ طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً طُلِّقَتْ ثَانِيَةً لَا غَيْرَ، كَقَوْلِهِ كُلَّمَا طَلَّقْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، لِأَنَّهُ قَدْ أَضَافَ الْوُقُوعَ إِلَى نَفْسِهِ فَصَارَ الطَّلَاقُ مُعَلَّقًا بِفِعْلِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>