للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَمَّا الْقَدْرُ الْوَاجِبُ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ قَوْلُهُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَمَا سِوَاهُ مُسْتَحَبٌّ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ عَلَى الْآلِ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ، فَلَوْ قَالَ: صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يُجْزِئُهُ

وَالثَّانِي: لَا يُجْزِئُهُ كَالْوَجْهَيْنِ فِي قَوْلِهِ عَلَيْكُمُ السَّلَامُ

(مَسْأَلَةٌ)

: قَالَ الشافعي رضي الله عنه، " وَمَنْ ذَكَرَ صَلَاةً وَهُوَ فِي أُخْرَى أَتَمَّهَا ثم قضى (قال) حدثنا إبراهيم قال الربيع أخبرنا الشافعي قال التشهد بهما مباح فمن أخذ يتشهد ابن مسعودٍ لم يعنف إلا أن في تشهد ابن عباس زيادة "

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ

وَأَصْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي تَرْتِيبِ الصَّلَوَاتِ هَلْ يَلْزَمُهُ فِي الْقَضَاءِ أَمْ لَا؟ فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الترتيب [منها] مُسْتَحَبٌّ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ فِي قَلِيلِ الصَّلَاةِ وَكَثِيرِهَا مَعَ الْعَمْدِ وَالنِّسْيَانِ وَأَنَّهُ إِنْ أَحْرَمَ بِفَرْضِ وَقْتِهِ ثُمَّ ذَكَرَ فَائِتَةً مَضَى فِي صَلَاتِهِ وَقَضَى مَا فَاتَهُ

وَقَالَ أبو حنيفة: إِنْ تَرَكَ التَّرْتِيبَ نَاسِيًا أَجْزَأَهُ، وَإِنْ تَرَكَهُ عَامِدًا فِي خَمْسِ صَلَوَاتٍ فَمَا دُونَهَا لَمْ يُجْزِهِ، وَإِنْ تَرَكَهُ فِي [أَكْثَرَ مِنْ] خَمْسِ صَلَوَاتٍ أَجْزَأَ فَكَأَنَّهُ يَرَى وُجُوبَ التَّرْتِيبِ فِي صَلَاةِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ مَعَ الذِّكْرِ، وَإِنْ أَحْرَمَ بِفَرْضِ وَقْتِهِ ثُمَّ ذَكَرَ فَائِتَةً بَطَلَتْ صَلَاتُهُ الَّتِي هُوَ فِيهَا وَلَزِمَهُ قَضَاءُ مَا فَاتَهُ، ثُمَّ الْإِحْرَامُ بِصَلَاةِ وَقْتِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ وَقْتُهَا مُضِيفًا فَيَمْضِي فِي صَلَاتِهِ، ثُمَّ يَقْضِي مَا فَاتَهُ

وَقَالَ مَالِكٌ: التَّرْتِيبُ وَاجِبٌ فِي صَلَاةِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَمَا دُونَ كَقَوْلِ أبي حنيفة، لَكِنَّهُ إِنْ ذَكَرَ صَلَاةً وَهُوَ فِي أُخْرَى لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ وَأَتَمَّهَا اسْتِحْبَابًا ثُمَّ قَضَى مَا فَاتَهُ وَأَعَادَ تِلْكَ الصَّلَاةَ وَاجِبًا

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: التَّرْتِيبُ وَاجِبٌ فِي قَلِيلِ الصَّلَوَاتِ وَكَثِيرِهَا مَعَ الْعَمْدِ وَالسَّهْوِ، وَإِنْ ذَكَرَ صَلَاةً وَهُوَ فِي أُخْرَى أَتَمَّهَا وَاجِبًا وَقَضَى مَا فَاتَهُ وَأَعَادَ تِلْكَ الصَّلَاةَ وَاجِبًا

فَأَمَّا أبو حنيفة فَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " مَنْ نَامَ عَنْ صلاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا فَذَلِكَ وَقْتُهَا لَا وَقْتَ لَهَا غَيْرُهُ " فَجَعَلَ وَقْتَ الذِّكْرِ وَقْتًا لِلْفَوَائِتِ فَاقْتَضَى أَنْ يَلْزَمَهُ تَرْتِيبُ قَضَائِهَا كَمَا يَلْزَمُهُ تَرْتِيبُ أَدَاءِ الصَّلَوَاتِ الْمُؤَقَّتَاتِ، وَمَا رَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حُبِسَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ حَتَّى بَعْدَ الْمَغْرِبِ بِهُوِيٍّ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى فَاتَتْهُ أَرْبَعُ صَلَوَاتٍ الظُّهْرُ، والعصر،

<<  <  ج: ص:  >  >>