لَهُ مَالٌ، فَبِيعَ بَعْضُهُمْ فِي دَيْنِهِ، وَأُعْتِقَ مِنْهُمْ قَدْرُ ثُلُثِهِ، وَرَقَّ بَاقِيهِمْ ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ مَالٌ، فَإِنْ خَرَجُوا مِنْ ثُلُثِهِ عَتَقُوا جَمِيعُهُمْ، وَإِنْ نَقَصَ ثُلُثُهُ عَنْهُمْ أُعْتِقَ مِنْهُمْ قَدْرُ ثُلُثِهِ.
مِثَالُهُ: أَنْ يُعْتِقَ أَرْبَعَةَ عَبِيدٍ قِيمَةُ كُلِّ عَبْدٍ مِائَةُ دِرْهَمٍ، وَيَتْرُكُ دَيْنًا قَدْرُهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ، وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ مَالٌ، فيبيع أَحَدَهُمْ فِي دَيْنِهِ، وَأَعْتَقَ أَحَدَهُمْ فِي ثُلُثِهِ، وَاسْتَرَقَّ اثْنَانِ لِوَرَثَتِهِ، ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ، فَيُسْتَرْجَعُ بِظُهُورِ الْمِائَةِ الْعَبْدُ الْمَبِيعُ فِي الدَّيْنِ، وَيُفْسَخُ فِيهِ الْبَيْعُ، وَيَصِيرُ بِظُهُورِ هَذِهِ الْمِائَةِ بِمَثَابَةِ مَنْ لَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَعَلَى هَذَا لَا يَخْتَلِفُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَمَنْ خَالَفَهُ من أصحابه في نقص القرعة بظهور الدين أنها لا تنقص بِظُهُورِ الْمَالِ، لِأَنَّ ظُهُورَ الدَّيْنِ يُوجِبُ نَقْصًا فِي الْعِتْقِ، وَزِيَادَةَ الرِّقِّ، تُنْقَضُ بِهِ قُرْعَةُ الرق وظهور المال يوجب زيادة العتق ونقصان الرِّقِّ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ تُنْقَضَ بِهِ قُرْعَةُ الْعِتْقِ، فَيَكُونُ عِتْقُ مَنْ قُرِعَ بَاتًّا لَا رَجْعَةَ فِيهِ، وَقَدْ بَقِيَ فِي الثُّلُثِ بَعْدَ عِتْقِهِ أَنْ يُعْتَقَ مِنَ الثُّلُثِ ثُلُثُ وَاحِدٍ يُسْتَوْعَبُ بِهِ الثُّلُثُ، فَيُقْرَعُ بَيْنَهُمْ، وَيُعْتَقُ ثُلُثُ أَحَدِهِمْ، وَيُسْتَرَقُّ ثُلُثَاهُ مَعَ الْآخَرِينَ، وَلَوْ ظَهَرَ لَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ كَانَ الْبَاقِي مِنْهَا بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ مِائَةً، فَيُعْتَقُ مِنَ الثَّلَاثَةِ ثُلُثَا عَبْدٍ، لِأَنَّ التَّرِكَةَ خَمْسُمِائَةٍ.
وَلَوْ ظَهَرَ لَهُ ثَلَاثُمِائَةِ دِرْهَمٍ عَتَقَ بِهَا مِنَ الثَّلَاثَةِ عَبْدٌ كَامِلٌ، لِأَنَّ التَّرِكَةَ بَعْدَ الدَّيْنِ سِتُّمِائَةٍ.
وَلَوْ ظهر له أربع مائة عَتَقَ بِهَا مِنَ الثَّلَاثَةِ عَبْدٌ وَثُلُثٌ، لِأَنَّ التَّرِكَةَ بَعْدَ الدَّيْنِ سَبْعُمِائَةٍ.
وَلَوْ ظَهَرَ لَهُ خَمْسُمِائَةٍ عَتَقَ بِهَا مِنَ الثَّلَاثَةِ عَبْدٌ وَثُلُثَانِ، لِأَنَّ التَّرِكَةَ بَعْدَ الدَّيْنِ ثَمَانُمِائَةٍ.
وَلَوْ ظَهَرَ لَهُ سِتُّمِائَةٍ عَتَقَ بِهَا مِنَ الثَّلَاثَةِ عَبْدَانِ، لِأَنَّ التَّرِكَةَ بَعْدَ الدَّيْنِ تِسْعُمِائَةٍ.
وَلَوْ ظَهَرَ لَهُ سَبْعُمِائَةٍ عَتَقَ بِهَا مِنَ الثَّلَاثَةِ عَبْدَانِ وَثُلُثٌ.
وَلَوْ ظَهَرَ لَهُ ثَمَانُمِائَةٍ عَتَقَ بِهَا مِنَ الثَّلَاثَةِ عَبْدَانِ وَثُلُثَانِ.
وَلَوْ ظَهَرَ لَهُ تِسْعُمِائَةٍ عَتَقَ بِهَا الثَّلَاثَةُ كُلُّهُمْ، لِأَنَّ التَّرِكَةَ تَصِيرُ بِهَا بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ أَلْفًا وَمِائَتَيْنِ، وَالْعَبِيدُ أَرْبَعَةٌ قِيمَتُهُمْ أَرْبَعُمِائَةٍ هِيَ قَدْرُ الثُّلُثِ، فَيُعْتَقُوا جَمِيعًا.
فَصْلٌ
فَإِذَا تَحَرَّرَ عِتْقُ جَمِيعِهِمْ عَلَى مَا وَصَفْنَا بَانَ بَعْدَ أَنْ أُجْرِيَ حُكْمُ الرِّقِّ عَلَيْهِمْ أَنَّهُمْ، كَانُوا أَحْرَارًا، بِعِتْقِ السَّيِّدِ فِي حَيَاتِهِ يَوْمَ أَعْتَقَهُمْ، فَيَبْطُلُ مَا جَرَى عَلَيْهِمْ مِنْ أَحْكَامِ الرِّقِّ، فَيَصِيرُونَ مَالِكِينَ لِجَمِيعِ أَكْسَابِهِمِ الَّتِي كَسَبُوهَا فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ، وَبَعْدَ مَوْتِهِ، وَلَوْ كَانَ قَدْ مَاتَ لِأَحَدِهِمْ مَوْرُوثٌ، وَمُنِعَ مِنْ مِيرَاثِهِ بِالرِّقِّ كَانَ أَحَقَّ بِمِيرَاثِهِ مِنَ الْأَبْعَدِ، وَانْتَزَعَ مِيرَاثَهُ مِنْهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute