وَلَا يُحْبَسُ عَلَى الْجَوَابِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: احْبِسْهُ حَتَّى يُجِيبَ بِإِقْرَارٍ أَوْ إِنْكَارٍ وَبَنَاهُ عَلَى أَصْلِهِ فِي الْحُكْمِ بِالنُّكُولِ، وَنَحْنُ لَا نَحْكُمُ بِهِ، فَلَا نَحْبِسُهُ عَلَيْهِ وَسَنَذْكُرُ حُكْمَ النُّكُولِ.
(فَصْلٌ)
: وَالْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ:
وَالْبَيِّنَةُ تُسْمَعُ عَلَى الْمُنْكِرِ دُونَ الْمُقِرِّ.
لِأَنَّ الْإِقْرَارَ أَصْلٌ هُوَ أَقْوَى وَالْبَيِّنَةَ فَرْعٌ هُوَ أضعف، ولم يجز ترك الأقوى بالأضعف.
(شروط سماع البينة) .
وَلِسَمَاعِهَا أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ مُوَافِقَةً لِلدَّعْوَى.
فَإِنْ خَالَفَتْهَا فِي الْجِنْسِ لَمْ تُسْمَعْ.
وإن خالفتها في القدر إلى نقصان حكم في القدر بالبينة دون الدعوى.
وَإِنْ خَالَفَتْهَا إِلَى زِيَادَةِ حُكِمَ فِي الْقَدْرِ بِالدَّعْوَى دُونَ الْبَيِّنَةِ مَا لَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُدَّعِي تَكْذِيبٌ لِلْبَيِّنَةِ فِي الزِّيَادَةِ فَإِنْ أَكْذَبَهَا فِيهِ رُدَّتْ وَلَمْ يَحْكُمْ بِهَا.
وَالشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَتَّفِقَ شَاهِدَا الْبَيِّنَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ.
فَإِنِ اخْتَلَفَ الشَّاهِدَانِ فِي الْجِنْسِ رُدَّتْ.
وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي الْقَدْرِ تَمَّتْ فِي الْأَقَلِّ دُونَ الْأَكْثَرِ.
وَالشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ تُسْمَعَ بَعْدَ الدَّعْوَى وَالْإِنْكَارِ.
فَإِنْ سُمِعَتْ قَبْلَ الدَّعْوَى لَمْ تَجُزْ.
وَإِنْ سُمِعَتْ بَعْدَ الدَّعْوَى وَقَبْلَ الْإِنْكَارِ، فَفِي جَوَازِهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ سَمَاعُهَا لِوُجُودِهَا بَعْدَ الطَّلَبِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَجُوزُ سَمَاعُهَا حَتَّى تُؤَدَّى بَعْدَ الْإِنْكَارِ لِتَقَدُّمِهَا عَلَى زَمَانِهَا.
وَالشَّرْطُ الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ الْأَدَاءُ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ دُونَ الْخَبَرِ، فَيَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّهُ أَقَرَّ عِنْدِي وَأَشْهَدَنِي عَلَى نَفْسِهِ، أَنَّ عَلَيْهِ لِفُلَانٍ كَذَا، وَإِنْ كَانَتِ الشَّهَادَةُ عَلَى إِقْرَارٍ.
فَإِنْ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّهُ أَقَرَّ عِنْدِي وَلَمْ يَقُلْ وَأَشْهَدَنِي عَلَى نَفْسِهِ، فَإِنْ لَمْ يَجْعَلِ الِاسْتِرْعَاءَ شَرْطًا فِي تَحَمُّلِ الإقرار صح هذه الْأَدَاءُ.
وَإِنْ جَعَلَ الِاسْتِرْعَاءَ شَرْطًا فِي تَحَمُّلِهِ لم يصح.