(بَابٌ الدَّيْنُ عَلَى الْمَيِّتِ وَالْعُهْدَةُ فِي مَالِ المفلس)
قال الشافعي رضي الله عنه: " مَنْ بِيعَ عَلَيْهِ فِي دَيْنٍ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ فِي حَيَاتِهِ أَوْ تَفْلِيسِهِ فَهَذَا كُلُّهُ سَوَاءٌ وَالْعُهْدَةُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ كَهِيَ فِي مَالِ الْحَيِّ لَا اخْتِلَافَ فِي ذَلِكَ عِنْدِي ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ إِذَا بِيعَتْ أَمْوَالُ الْمُفْلِسِ عَلَيْهِ وَضَاعَتْ مِنْ أَيْدِي الْأُمَنَاءِ عَلَيْهَا كَانَ تَلَفُهَا مِنْ مَالِ الْمُفْلِسِ دُونَ غرمائه وكذا ما باعه ولي على طِفْلٍ أَوْ وَصِيٌّ فِي تَرِكَةٍ أَوْ وُكل فِي بَيْعِ رَهْنٍ أَوْ عَلَى مُوَكَّلٍ وَقَالَ أبو حنيفة: الثَّمَنُ التَّالِفُ مِنْ مَالِ الْغُرَمَاءِ دُونَ الْمُفْلِسِ. وَقَالَ مَالِكٌ: إِنْ كَانَ الثَّمَنُ مِنْ جِنْسِ حُقُوقِهِمْ ذَهَبًا أَوْ وَرِقًا فَهُوَ تَالِفٌ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جنس حقهم سلعة أو عوضا فَهُوَ تَالِفٌ مِنْ مَالِ الْمُفْلِسِ. وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ، وَصَارَ مَذْهَبُ مَالِكٍ فَاسِدًا بِالْحَجَاجِيزِ وَسَنَذْكُرُ مِنَ الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ مَا يَكُونُ عَلَى طَرِيقِ التَّوْجِيهِ لِصِحَّةِ الْمَذْهَبِ فِيهِ فَنَقُولُ إِنَّ بَدَلَ كُلِّ شيء في حكم مبدله فإما كَانَ تَلَفُ الْمَبِيعِ مِنْ مَالِ الْمُفْلِسِ فَكَذَا تَلَفُ بَدَلِهِ، وَلِأَنَّ أَمِينَ الْحَاكِمِ فِي الْبَيْعِ يَنُوبُ عَنِ الْمُفْلِسِ فِيهِ وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ تَلَفَ الثَّمَنِ إِذَا كَانَ الْمُفْلِسُ هُوَ الْبَائِعُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ دُونَ غُرَمَائِهِ فَكَذَا تَلَفُهُ مِنَ النَّائِبِ عَنْهُ يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ دون غرمائه.
[(مسألة)]
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ بِيعَتْ دَارُهُ بِأَلْفٍ وَقَبَضَ أَمِينُ الْقَاضِي الثَّمَنَ فَهَلَكَ مِنْ يَدِهِ وَاسْتُحِقَّتِ الدَّارُ فَلَا عُهْدَةَ عَلَى الْغَرِيمِ الَّذِي بِيعَتْ لَهُ وَأَحَقُّ النَّاسِ بِالْعُهْدَةِ الْمَبِيعُ عَلَيْهِ فَإِنْ وُجِدَ لَهُ مَالٌ بِيعَ ثُمَّ رُدَّ عَلَى الْمُشْتَرِي مَالُهُ لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْهُ بِبَيْعٍ وَلَمْ يُسَلَّمْ لَهُ فإن لم يوجد له شيء فلا ضمان على القاضي ولا أمينه ويقال للمشتري أنت غريم المفلس أو الميت كغرمائه سَوَاءٌ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ إِذَا بِيعَتْ دَارُ الْمُفْلِسِ عَلَيْهِ وَاسْتَحَقَّتِ الدَّارُ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي اسْتَحَقَّ الرُّجُوعَ بِثَمَنِهَا فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مَوْجُودًا رَجَعَ بِهِ الْمُشْتَرِي وَكَذَا لَوِ اقْتَسَمَهُ الْغُرَمَاءُ رَجَعَ بِهِ عَلَيْهِمْ فَأَمَّا إِنْ كَانَ الثَّمَنُ قَدْ تَلِفَ مِنْ يَدِ الْأَمِينِ فَالَّذِي رَوَاهُ الْمُزَنِيُّ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَقْدَمُ بِالثَّمَنِ مِنْ مَالِ الْمُفْلِسِ عَلَى جَمِيعِ الْغُرَمَاءِ. وَرَوَى الرَّبِيعُ وَحَرْمَلَةُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَكُونُ فِي الرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ وَلَا يَتَقَدَّمُ بِهِ عَلَيْهِمْ. وَاخْتَلَفَ أصحابنا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute