أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنَ أَثْلَاثًا.
وَسَنَذْكُرُ تَوْجِيهَ الْقَوْلَيْنِ فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يُصَالِحَهُ عَلَى جَمِيعِ النِّصْفِ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يُصَالِحَهُ بِإِذْنِ أَخِيهِ فَالصُّلْحُ فِي النِّصْفِ كُلِّهِ جَائِزٌ وَيَكُونُ الْمَالُ الَّذِي وَقَعَ الصُّلْحُ بِهِ بَيْنَ الْأَخَوَيْنِ نِصْفَيْنِ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يُصَالِحَهُ بِغَيْرِ إِذْنِ أَخِيهِ فَيَكُونُ الصُّلْحُ فِي حَقِّ أَخِيهِ وَهُوَ الرُّبُعُ بَاطِلًا.
وَهَلْ يَبْطُلُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ أَمْ لَا عَلَى قَوْلَيْنِ مِنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ:
أَحَدُهُمَا: يَبْطُلُ.
وَالثَّانِي: لَا يَبْطُلُ.
وَيَكُونُ الْمُصَالِحُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ فَسْخِ الصُّلْحِ وَاسْتِرْجَاعِ الْعِوَضِ إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ الْأَخُ إِلَى أَخْذِهِ بِالشُّفْعَةِ وَبَيْنَ أَنْ يُقِيمَ عَلَى الصُّلْحِ فِي حَقِّهِ وَبِمَاذَا يُقِيمُ عَلَيْهِ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: بِجَمِيعِ الْعِوَضِ وَإِلَّا فُسِخَ.
وَالثَّانِي: وَهُوَ أَصَحُّ يُقِيمُ عَلَيْهِ بِحِسَابِهِ وَقِسْطِهِ وَهُوَ النِّصْفُ.
(فَصْلٌ)
فَأَمَّا الْإِمَامُ الْمُزَنِيُّ فَإِنَّهُ نَقَلَ كَلَامًا مُحْتَمَلًا وَتَأَوَّلَهُ تَأْوِيلًا فَاسِدًا ثُمَّ اعْتَرَضَ عَلَيْهِ بِمَا لَوْ صَحَّ تَأْوِيلُهُ لَصَحَّ اعْتِرَاضُهُ وَهُوَ أَنَّهُ نَقَلَ عَنِ الشَّافِعِيِّ.
إذ أَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا بِنِصْفِهِ فَصَالَحَهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى شيء كان لأخيه أن يدخل معه فيه.
فَتَأَوَّلَهُ عَلَى أَنَّ الشَّافِعِيَّ أَجَازَ صُلْحَهُ فِي جَمِيعِ النِّصْفِ ثُمَّ جَعَلَ أَخَاهُ شَرِيكًا لَهُ فِي مَالِ الصُّلْحِ، فَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ بِأَنْ قَالَ: يَجِبُ أَنْ يَبْطُلَ الصُّلْحُ فِي حَقِّ أَخِيهِ، وَهَذَا وَهْمٌ مِنَ الْمُزَنِيِّ فِي تَأْوِيلِهِ، لِأَنَّ مُرَادَ الشَّافِعِيِّ بِقَوْلِهِ كَانَ لِأَخِيهِ أَنْ يَدْخُلَ مَعَهُ فِيهِ: يَعْنِي فِي النِّصْفِ مِنَ الدَّارِ لَا فِي النِّصْفِ مِنَ الْمَالِ وَالْجَوَابُ فِي الصُّلْحِ عَلَى مَا شَرَحْنَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَسْأَلَةٌ)
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ كَانَتِ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهِمَا نِصْفَهَا فَأَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا بِالنِّصْفِ وَجَحَدَ لِلْآخَرِ لَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِ فِي ذَلِكَ حَقٌّ وَكَانَ على خصومته ".