(فَصْلٌ)
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ: وَهُوَ أَنْ يَدَّعِيَ الْعَدْلُ تَسْلِيمَ الثَّمَنِ إِلَى الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ فَعَلَى أربعة أضرب: -
أحدهما: أَنْ يُقِرَّ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ فَقَدْ بَرِئَ الْعَدْلُ مِنْ حَقِّهِمَا مَعًا.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يُنْكِرَهُ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ.
فَقَدْ بَرِئَ الْعَدْلُ مِنْ مُطَالَبَةِ الرَّاهِنِ، لِأَنَّ قَوْلَ الْعَدْلِ مَقْبُولٌ عَلَيْهِ وَإِنْ أَنْكَرْهُ، وَلَمْ يَبْرَأْ مِنْ مُطَالَبَةِ الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ عَلَيْهِ إِذَا أَنْكَرَ.
ثُمَّ الْمُرْتَهِنُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ مُطَالَبَةِ الرَّاهِنِ، أَوِ الْعَدْلِ فَإِنْ طَالَبَ الرَّاهِنَ فَأَغْرَمَهُ فَقَدْ بَرِئَ الرَّاهِنُ وَالْعَدْلُ جَمِيعًا، وَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَى الْعَدْلِ.
وَإِنْ طَالَبَ الْعَدْلَ فَأَغْرَمَهُ بَرِئَ الْعَدْلُ وَالرَّاهِنُ جَمِيعًا وَلَيْسَ لِلْعَدْلِ أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَى الرَّاهِنِ، لِأَنَّ قَوْلَ الْعَدْلِ فِيمَا يَدَّعِي اسْتِحْقَاقَ الرُّجُوعِ بِهِ غَيْرُ مَقْبُولٍ وَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ فِيمَا بِيَدِهِ مَقْبُولًا.
وَالضَّرْبُ الثَّالِثُ: أَنْ يُقِرَّ الْمُرْتَهِنُ وَيُنْكِرَ الرَّاهِنُ فَقَدْ بَرِئَ الْعَدْلُ مِنْ حَقِّهِمَا، أَمَّا الْمُرْتَهِنُ فَبِإِقْرَارِهِ وَأَمَّا الراهن فلقبول قوله.
وَالضَّرْبُ الرَّابِعُ: أَنْ يُقِرَّ الرَّاهِنُ وَيُنْكِرَ الْمُرْتَهِنُ فَقَدْ بَرِئَ الْعَدْلُ مِنْ حَقِّ الرَّاهِنِ دُونَ الْمُرْتَهِنِ وَلِلْمُرْتَهِنِ الْخِيَارُ بَيْنَ أَنْ يُطَالِبَ الرَّاهِنَ أَوِ الْعَدْلَ، فَإِنْ أَغْرَمَ الرَّاهِنَ بَرِئَ الرَّاهِنُ وَالْعَدْلُ جَمِيعًا، وَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَى الْعَدْلِ.
فَإِنْ أَغْرَمَهُ الْعَدْلَ بَرِئَ الْعَدْلُ وَالرَّاهِنُ جَمِيعًا، وَلَيْسَ لِلْعَدْلِ أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَى الرَّاهِنِ، لِأَنَّ الْعَدْلَ مُقِرٌّ أَنَّهُ مَظْلُومٌ بِإِغْرَامِ الْمُرْتَهِنِ لَهُ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى غَيْرِ مَنْ ظَلَمَهُ، فَهَذَا حُكْمُ دَعْوَى الْعَدْلِ تَسْلِيمَ الثَّمَنِ إِلَى الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ وَاللَّهُ أعلم.
[(مسألة)]
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ بَاعَ بِدَيْنٍ كَانَ ضَامِنًا ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ وَجُمْلَتُهُ إِذَا أَذِنَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ لِلْعَدْلِ فِي بَيْعِ الرَّهْنِ أَنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْ خَمْسَةِ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَأْذَنَا لَهُ فِي بَيْعِهِ بِالنَّقْدِ فَلَا يَجُوزُ لِلْعَدْلِ أَنْ يَبِيعَهُ بِالدَّيْنِ، فَإِنْ بَاعَهُ بِالدَّيْنِ كَانَ بَيْعُهُ بَاطِلًا، وَكَانَ لِجَمِيعِ قِيمَتِهِ بِالتَّسْلِيمِ ضَامِنًا.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَأْذَنَا لَهُ فِي بَيْعِهِ بِالدَّيْنِ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ بِالدَّيْنِ بِمَا حَدَّا لَهُ مِنَ الْأَجَلِ أَوْ بِمَا لَا يَتَفَاوَتُ مِنَ الْآجَالِ إِنْ لَمْ يَحُدَّا لَهُ الْأَجَلَ، فَإِنْ بَاعَهُ بِالنَّقْدِ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الَّذِي