فَسْخِ الْبَيْعِ وَإِمْضَائِهِ. فَإِنْ تَابَ الْعَبْدُ مِنْ جِنَايَتِهِ وَانْتَهَى مِنَ الْعَوْدِ إِلَى مِثْلِهَا، فَهَلْ ذَلِكَ عَيْبٌ فِي الْحَالِّ أَمْ لَا. عَلَى وَجْهَيْنِ مَضَيَا فِي الْبُيُوعِ.
وَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي تَوْبَةِ الْمُرْتَدِّ مِنَ الْوَجْهَيْنِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا مَضَى مِنَ الْوَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ عَيْبٌ. فَعَلَى هَذَا لَهُ الْخِيَارُ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ وَإِمْضَائِهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَيْسَ بِعَيْبٍ فِي الْحَالِّ. فَعَلَى هَذَا هَلْ لَهُ الْخِيَارُ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ أَمْ لَا. عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لَهُ الْخِيَارُ اعْتِبَارًا بِوُجُوبِهِ فِي الِابْتِدَاءِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا خِيَارَ لَهُ اعْتِبَارًا بِسُقُوطِهِ فِي الِانْتِهَاءِ.
(فَصْلٌ)
فَأَمَّا رَهْنُ الْعَبْدِ إِذَا كَانَ قَاتِلًا فِي الْحِرَابَةِ، فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يُرْهَنَ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ. فَهَذَا فِي حُكْمِ الْفَاعِلِ فِي غَيْرِ الْحِرَابَةِ لِجَوَازِ الْعَفْوِ عَنْهُ. فَيَكُونُ الْحُكْمُ فِي رَهْنِهِ عَلَى مَا مَضَى.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَرْهَنَهُ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فَفِي جَوَازِ رَهْنِهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ لِأَنَّ قَتْلَهُ فِي الْحِرَابَةِ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ مِلْكِ سَيِّدِهِ كَالْمُرْتَدِّ.
وَالثَّانِي: أَنَّ رَهْنَهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ قَتْلَهُ مَحْتُومٌ لَا يَجُوزُ الْعَفْوُ عَنْهُ، فَكَانَ أَسْوَأَ حَالًا مِنَ الْمُرْتَدِّ الَّذِي قَدْ يَتُوبُ فَيُعْفَى عَنْهُ.
(فَصْلٌ)
فَأَمَّا إِذَا أَخَذَ مَالَا فِي الْحِرَابَةِ، أَوْ سَرَقَ فِي غَيْرِ الْحِرَابَةِ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْمَالُ مَوْجُودًا مَعَهُ، فَيُنْزَعُ مِنْ يَدِهِ فَرَهْنُ هَذَا جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِرَقَبَتِهِ غُرْمٌ. وَوُجُوبُ قَطْعِهِ لَا يَمْنَعُ مِنْ رَهْنِهِ.
فَإِنْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ عَالِمًا بِهِ فَلَا خِيَارَ لَهُ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِهِ فَهُوَ بِالْخِيَارِ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ وَإِمْضَائِهِ، سَوَاءٌ عَلِمَ بِهِ قَبْلَ قَطْعِهِ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ إِلَّا بَعْدَ قَطْعِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يُمْكِنُ رَدُّهُ بَعْدَ الْقَطْعِ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمَالُ قَدْ تَلِفَ مِنْ يَدِهِ فَالْحُكْمُ فِي رَهْنِهِ كَالْحُكْمِ فِي رَهْنِ الْجَانِي خَطَأً عَلَى مَا نَذْكُرُهُ لِتَعَلُّقِ الغرم برقبته.
[(مسألة)]
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ أَسْلَفَهُ بِرَهْنٍ ثُمَّ سَأَلَهُ الرَّاهِنُ أَنْ يَزِيدَهُ أَلْفًا وَيَجْعَلَ الرَّهْنَ الْأَوَّلَ رَهْنًا بِهَا وبالألف الأولى ففعل لم يجز الآخر لأنه كان رهنا كله بالألف الأولى كما لو تكارى دارا سنة بعشرة ثم اكتراها تلك السنة بعينها بعشرين لم يكن الكراء