الثاني إلا بعد فسخ الأول (قال المزني) قلت أنا وأجازه في القديم وهو أقيس لأنه أجاز في الحق الواحد بالرهن الواحد أن يزيده في الحق رهنا فكذلك يجوز أن يزيده في الرهن حقا ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ.
إِذَا رَهَنَ عَبْدَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ طَلَبَ مِنْهُ أَلِفًا أُخْرَى عَلَى أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ رَهْنًا بِالْأَلْفَيْنِ مَعًا فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَفْسَخَا الرَّهْنَ الْأَوَّلَ، ثُمَّ يَسْتَأْنِفَاهُ بِأَلْفَيْنِ فَهَذَا جَائِزٌ إِجْمَاعًا.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَجْعَلَاهُ بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ رَهْنًا بِأَلْفَيْنِ فَهَذَا عَلَى قَوْلَيْنِ مَنْصُوصَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْقَدِيمِ إِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَبِهِ قَالَ الْمُزَنِيُّ وأبو يوسف وَأَبُو ثَوْرٍ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْجَدِيدِ إِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وأبو حنيفة.
فَإِذَا قُلْنَا بِقَوْلِهِ فِي الْقَدِيمِ إِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ فَوَجْهُهُ أَنَّ الضَّمَانَ وَثِيقَةٌ كَمَا أَنَّ الرَّهْنَ وَثِيقَةٌ ثُمَّ ثَبَتَ أَنَّهُ لَوْ ضَمِنَ لَهُ أَلْفًا فَصَارَتْ ذِمَّتُهُ مَرْهُونَةً بِهَا جَازَ أَنْ يَضْمَنَ لَهُ أَلْفًا أُخْرَى فَتَصِيرُ ذِمَّتُهُ مَرْهُونَةً بِأَلْفَيْنِ. كَذَلِكَ إِذَا رَهَنَهُ عَبْدًا بِأَلْفٍ جَازَ أَنْ يَرْهَنَهُ بِأَلْفٍ أُخْرَى، فَيَصِيرُ الْعَبْدُ مَرْهُونًا بِأَلْفَيْنِ.
وَلِأَنَّ الْعَبْدَ قَدْ يَكُونُ مَرْهُونًا بِجِنَايَتِهِ كَمَا يَكُونُ مَرْهُونًا بِحَقِّ مرتهنه، ثم ثبت أنه لو جنا جِنَايَةً صَارَ مَرْهُونًا بِهَا وَلَا يَمْنَعُ مِنْ حُدُوثِ جِنَايَةٍ ثَانِيَةٍ يَصِيرُ مَرْهُونًا بِهَا. . كَذَلِكَ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا بِحَقِّ مُرْتَهِنِهِ لَمْ يَمْنَعْ مِنْ حُدُوثِ حَقٍّ ثَانٍ لِمُرْتَهِنِهِ، فَيَصِيرُ مَرْهُونًا به.
ولأنه لو كان مرهونا بألف وجنا جِنَايَةً أَرْشُهَا أَلْفٌ فَغَرِمَهَا الْمُرْتَهِنُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ فِي يَدِهِ رَهْنًا بِالْأَلْفِ الْأُولَى الَّتِي كَانَ مَرْهُونًا بِهَا وَبِالْأَلْفِ الَّتِي غَرَسَهَا جَازَ وَصَارَ الْعَبْدُ مَرْهُونًا بِأَلْفَيْنِ. كَذَلِكَ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا بِأَلْفٍ، ثُمَّ حَصَلَ لِلْمُرْتَهِنِ عَلَى الرَّاهِنِ أَلْفٌ أُخْرَى مِنْ مُعَامَلَةٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ رَهْنًا بِالْأَلْفِ الْأُولَى الَّتِي كَانَ مَرْهُونًا بِهَا وَبِالْأَلْفِ الثَّانِيَةِ الَّتِي اسْتَحَقَّهَا جَازَ وَصَارَ الْعَبْدُ مَرْهُونًا بِأَلْفَيْنِ.
وَلِأَنَّ الرَّهْنَ فِي مُقَابَلَةِ الدَّيْنِ. فَلَمَّا جَازَ أَنْ يُزَادَ فِي الدَّيْنِ الْوَاحِدِ رَهْنًا عَلَى رَهْنٍ، جَازَ أَنْ يُزَادَ فِي الرَّهْنِ الْوَاحِدِ دَيْنًا عَلَى دَيْنٍ.
وَإِذَا قُلْنَا بِقَوْلِهِ فِي الْجَدِيدِ: إِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ فَوَجْهُهُ أَنْ يُقَالَ: لَوْ جَازَ أَنْ يَرْتَهِنَهُ بِحَقٍّ آخَرَ لَجَازَ أَنْ يَكُونَ رَهْنًا عِنْدَ شَخْصٍ آخَرَ. فَلَمَّا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ رَهْنًا عِنْدَ شَخْصٍ آخَرَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَرْتَهِنَهُ بِحَقٍّ آخَرَ.