لِأَنَّ الْخَمْرَ تُرَاقُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ عَدْوَى، فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِمْ قَتْلُهَا تَرَكَهَا كَمَا يَتْرُكُهُمْ إِذَا تَعَذَّرَ قَتْلُهُمْ
وَأَمَّا جَوَارِحُ الصَّيْدِ فَمَا كَانَ مُبَاحَ الْأَثْمَانِ مِنَ الْفُهُودِ وَالنُّمُورِ وَالْبُزَاةِ قُسِّمَتْ بَيْنَ الْغَانِمِينَ مَعَ الْغَنَائِمِ، فَأَمَّا الْكِلَابُ فَضَرْبَانِ:
أَحَدُهُمَا: مَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ فَلَا يُتَعَرَّضُ لِأَخْذِهِ، ثُمَّ يُنْظَرُ فِيهَا فَمَا كَانَ مِنْهَا عَقُورًا مُؤْذِيًا قُتِلَ، وَتُرِكَ مَا عَدَاهُ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: يَكُونُ مُنْتَفَعًا بِهَا إِمَّا فِي صَيْدٍ أَوْ مَاشِيَةٍ أَوْ حَرْثٍ فَيَجُوزُ أَخْذُهَا لِيَخْتَصَّ بِهَا مِنَ الْغَانِمِينَ أَهْلِ الِانْتِفَاعِ بِهَا، فَيُدْفَعُ كِلَابُ الصَّيْدِ إِلَى أَهْلِ الصَّيْدِ خَاصَّةً، وَتُدْفَعُ كِلَابُ الْمَاشِيَةِ إِلَى أَهْلِ الْمَاشِيَةِ، وَكِلَابُ الْحَرْثِ إِلَى أَهْلِ الْحَرْثِ، وَلَا يُعَوَّضُ بَقِيَّةُ الْغَانِمِينَ عَنْهَا، لِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لَهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْغَانِمِينَ مَنْ يَنْتَفِعُ بها أعدها لِأَهْلِ الْخُمْسِ، لِأَنَّ فِيهِمْ مَنْ يَنْتَفِعُ بِهَا.
[(مسألة)]
: قال الشافعي: " وَمَا كَانَ مِثْلُهُ مُبَاحًا فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ مِنْ شَجَرٍ أَوْ حَجَرٍ أَوْ صَيْدٍ فِي بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ فَهُوَ لِمَنْ أَخَذَهُ "
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ إِذَا وَجَدَ فِي دَارِ الْحَرْبِ مَا يَكُونُ مِثْلَهُ مُبَاحًا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، وَذَلِكَ خَمْسَةُ أَنْوَاعٍ صَيْدٌ، وَأَشْجَارٌ، وَأَحْجَارٌ، وَثِمَارٌ، وَنَبَاتٌ، فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ آثَارُ الْمِلْكِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الصَّيْدُ مَوْسُومًا أَوْ مُقَرَّطًا، أَوْ تَكُونَ الْأَشْجَارُ مَقْطُوعَةً، وَأَنْ تَكُونَ الْأَحْجَارُ مَصْنُوعَةً، وَأَنْ تَكُونَ الثِّمَارُ مَقْطُوفَةً، وَأَنْ يَكُونَ النَّبَاتُ مَجْذُوذًا فَهَذِهِ آثَارٌ تَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ، فَتَكُونُ غَنِيمَةً لَا يَنْفَرِدُ بِهَا وَاجِدُهَا لِأَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْآثَارِ تَمْنَعُ مِنَ اسْتِبَاحَتِهَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَخَرَجَتْ عَنْ حُكْمِ الْمُبَاحِ فِي دَارِ الشِّرْكِ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ عَلَى خَلْقِهِ الْأَصْلِيِّ لَيْسَ فِيهَا آثَارُ يَدٍ وَلَا صَنْعَةٌ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ فِي أَمْلَاكِهِمْ، فَهِيَ غَنِيمَةٌ لَا يَمْلِكُهَا وَاجِدُهَا اعْتِبَارًا بِأُصُولِهَا إِلَّا الصَّيْدَ، فَإِنْ كَانَ مَرْبُوطًا فَهُوَ فِي حُكْمِهَا غَنِيمَةٌ، وَإِنْ كَانَ مُرْسَلًا فَهُوَ عَلَى أَصْلِ الْإِبَاحَةِ، وَمَا فِيهِ مِنْ أَحْجَارٍ وَأَشْجَارٍ وَثِمَارٍ وَنَبَاتٍ وَعَسَلِ نَحْلٍ وَصَيْدٍ مُبَاحٍ تَبَعٌ لِأَصْلِهِ، يَأْخُذُهُ وَاجِدُهُ وَلَا يَكُونُ غَنِيمَةً.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَكُونُ جَمِيعُهُ غَنِيمَةً يُمْنَعُ وَاجِدُهُ مِنْهُ إِلَّا الْحَشِيشَ وَحْدَهُ لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " المسلمون شركاء في ثلاث الماء والنار والكلاء " وَمَا عَدَاهُ غَنِيمَةٌ تُقَسَّمُ بَيْن