للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَلَى الْقَاضِي بَعْدَ تَصَفُّحِ أَحْوَالِ الْأُمَنَاءِ وَالْأَوْصِيَاءِ أَنْ يُثْبِتَ فِي دِيوَانِهِ حَالَ كُلِّ أَمِينٍ وَوَصِيٍّ فِيمَا بِيَدِهِ مِنَ الْأَمْوَالِ وَمَنْ يَلِي عَلَيْهِ مِنَ الْأَيْتَامِ لِيَكُونَ حُجَّةً لِلْجِهَتَيْنِ فَإِنْ وَجَدَ ذِكْرَ ذَلِكَ فِي دِيوَانِ الْقَاضِي الْأَوَّلِ عَارَضَ بِهِ وَعَمِلَ بِأَحْوَطِهِمَا.

(فَصْلٌ: [النَّظَرُ فِي الوقوف العامة والخاصة] )

:

وَالْأَمَانَةُ الْخَامِسَةُ: النَّظَرُ فِي الْوُقُوفِ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ.

أَمَّا الْعَامَّةُ فَلِأَنَّ مُسْتَحِقِّيهَا لَا يَتَعَيَّنُونَ فَلَمْ يَقِفِ النَّظَرُ عَلَى مَطَالِبَ.

وَأَمَّا الْخَاصَّةُ؛ فَلِأَنَّ مُفْضَاهَا إِلَى مَنْ لَا يَتَعَيَّنُ مِنَ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ لِيَنْظُرَ هَلْ أَفْضَتْ إِلَيْهِمْ وَهَلْ يَسْتَحِقُّ الْوِلَايَةَ عَلَى مَنْ تَعَيَّنَ مِنْهُمْ لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ وَلِيَعْلَمَ سُبُلَهَا فَيَحْمِلَ عَلَى شُرُوطِ وَاقِفِهَا.

وَإِنْ تَغَيَّرَ حَالُ الْوَالِي عَلَيْهَا، فَعَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْأَوْلِيَاءِ وَالْأُمَنَاءِ وَالْأَسْجَالِ بِهِ عِنْدَ تَطَاوُلِ مُدَّتِهُ لِتَكُونَ الْحُجَّةُ بَاقِيَةً وَمُثْبَتَةً فِي دِيوَانِهِ عَلَى مَا مَضَى فِي الْأُمَنَاءِ وَالْأَوْصِيَاءِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.

( [كَرَاهَةُ مُبَاشَرَةِ الْقَاضِي البيع والشراء لنفسه] )

:

[(مسألة)]

: قال الشافعي رضي الله عنه: وَأَكْرَهُ لَهُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ خَوْفَ الْمُحَابَاةِ بِالزِّيَادَةِ وَيَتَوَلَّاهُ لَهُ غَيْرُهُ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَإِنَّمَا كَرِهَ لَهُ أَنْ يُبَاشِرَ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ فِي خَاصِّ نَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَرِهَهُ أَبُو حَنِيفَةَ لِرِوَايَةِ أَبِي الْأَسْوَدِ الْمَالِكِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ. أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَا عَدَلَ وَالٍ اتَّجَرَ فِي رَعِيَّتِهِ أَبَدًا ".

وَرُوِيَ عَنْ شُرَيْحٍ قَالَ شَرَطَ عَلَيَّ عُمَرُ حِينَ وَلَّانِي الْقَضَاءَ أَنْ لَا أَبِيعَ وَلَا أَبْتَاعَ وَلَا أَرْتَشِيَ وَلَا أَقْضِيَ وَأَنَا غَضْبَانُ، وَلَمَّا بُويِعَ أَبُو بَكْرٍ بِالْخِلَافَةِ خَرَجَ بَعْدَ ثَلَاثٍ بِرِزْمَةِ ثِيَابٍ إِلَى السُّوقِ فَقِيلَ لَهُ مَا هَذَا فَقَالَ أَنَا كَاسِبٌ أَهْلِي فَأَجْرَوْا لَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كُلَّ يَوْمٍ دِرْهَمَيْنِ، وَلِأَنَّهُ إِذَا بَاعَ وَاشْتَرَى لَمْ يُؤْمَنْ أَنْ يُسَامِحَ وَيُحَابِيَ فَتَمِيلَ نَفْسُهُ عِنْدَ الْمُحَاكَمَةِ إِلَيْهِ إِلَى مُمَايَلَةِ مَنْ سَامَحَهُ وَحَابَاهُ، وَلِأَنَّ فِي مُبَاشَرَتِهِ بِذِلَّةٍ تَقِلُّ بِهَا هَيْبَتُهُ فَكَانَ تَصَاوُنُهُ عَنْهَا أَوْلَى.

فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَبِيعُ وَيَشْتَرِي فَعَنْهُ أَجْوِبَةٌ:

<<  <  ج: ص:  >  >>