أحدها: أنهما كنايتان يرجعان إِلَى الْعِلْمِ فَيَكُونُ تَقْدِيرُ الْكَلَامِ: لِأُقَرِّبَ عِلْمَ الشَّافِعِيِّ بِاخْتِصَارِ هَذَا الْكِتَابِ عَلَى مَنْ أَرَادَ العلم.
والثاني: أنهما كنايتان يرجعان إِلَى الْكِتَابِ وَيَكُونُ تَقْدِيرُ الْكَلَامِ: لِأُقَرِّبَ هَذَا الْكِتَابَ بِاخْتِصَارِهِ، عَلَى مَنْ أَرَادَهُ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّ الْكِنَايَةَ الْأُولَى تَرْجِعُ إِلَى الْعِلْمِ، وَيَكُونُ تَقْدِيرُ الْكَلَامِ: لِأُقَرِّبَ هَذَا الْكِتَابَ بِاخْتِصَارِهِ عَلَى مَنْ أَرَادَ الْعِلْمَ. وَخَصَّ بِهِ الْمُرِيدَ، لِأَنَّ غَيْرَ الْمُرِيدِ لَا يُقَرَّبُ عَلَى فَهْمِهِ.
فَصْلٌ
: وَأَمَّا قَوْلُهُ: " مَعَ إِعْلَامِيِّهِ نَهْيِهِ عَنْ تَقْلِيدِهِ وَتَقْلِيدِ غَيْرِهِ " فَفِيهِ خَمْسُ كِنَايَاتٍ؛ مِنْهُنَّ كِنَايَتَانِ فِي " إِعْلَامِيِّهِ " وَهُمَا الْيَاءُ وَالْهَاءُ، وَثَلَاثُ كِنَايَاتٍ فِي نَهْيِهِ وَتَقْلِيدِهِ وَغَيْرِهِ فَلَا يَخْتَلِفُ أَصْحَابُنَا فِي أَنَّ الْيَاءَ كِنَايَةٌ رَاجِعَةٌ وَأَنَّ الْهَاءَ فِي تقليده وغيره كنايتان رَاجِعَتَانِ إِلَى الشَّافِعِيِّ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الْهَاءِ التي في إعلامه، وَفِي الْهَاءِ الَّتِي فِي نَهْيِهِ، إِلَى مَا تَرْجِعُ الْكِنَايَةُ بِهِمَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُمَا كِنَايَتَانِ رَاجِعَتَانِ إِلَى الشَّافِعِيِّ أَيْضًا وَيَكُونُ تقدير الكلام: مع إعلام الشافعي ونهي الشَّافِعِيِّ عَنْ تَقْلِيدِهِ وَتَقْلِيدِ غَيْرِهِ مِنَ الْفُقَهَاءِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي الطَّيِّبِ بْنِ سَلَمَةَ رَحِمَهُ الله.
والثاني: أنهما كنايتان راجعتان إلى المزيد عَنْ تَقْلِيدِ الشَّافِعِيِّ وَتَقْلِيدِ غَيْرِهِ، وَهَذَا حَكَاهُ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ.
وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ الْهَاءَ الَّتِي فِي " إِعْلَامِيِّهِ " كِنَايَةٌ رَاجِعَةٌ إلى المزيد، وَالْهَاءَ الَّتِي فِي " نَهْيِهِ " كِنَايَةٌ رَاجِعَةٌ إِلَى الشافعي، ويكون تقدير الكلام: مع إعلامي المزيد من نَهْيِ الشَّافِعِيِّ عَنِ التَّقْلِيدِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ وَجُمْهُورِ أَصْحَابِنَا فَيَكُونُ النَّهْيُ عَنِ التَّقْلِيدِ صَادِرًا عَنِ الشَّافِعِيِّ إِلَى الْمُزَنِيِّ وَالْمُرِيدِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute