للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ لَا يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ الْأَرْشِ لِأَنَّهُ لَا يَضْمَنُهُ لَكِنْ يَفْسَخُ عَلَيْهِ الْبَيْعَ لِيُبَاعَ فِي الْأَرْشِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُؤْخَذُ مِنْهُ الْأَرْشُ جَبْرًا وَلَا يُفْسَخُ الْبَيْعُ لِأَنَّ حَقَّ الْمُشْتَرِي قَدْ تَعَلَّقَ بِهِ وَهُوَ بِالْبَيْعِ مُلْتَزِمٌ لِفَدْيِهِ.

مَسْأَلَةٌ:

قَالَ المزني: قلت أنا قوله كَمَا يَكُونُ الْعِتْقُ جَائِزًا تَجْوِيزٌ مِنْهُ لِلْعِتْقِ وَقَدْ سَوَّى فِي الرَّهْنِ بَيْنَ إِبْطَالِ الْبَيْعِ وَالْعِتْقِ فَإِذَا جَازَ الْعِتْقُ فِي الْجِنَايَةِ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ مِثْلُهُ؟ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَأَمَّا عِتْقُ السَّيِّدِ لِعَبْدِهِ الْجَانِي فَمُعْتَبَرٌ بِحَالِ جِنَايَتِهِ فَإِنْ كَانَتْ مُوجِبَةً لِلْقَوَدِ فَعِتْقُهُ نَافِذٌ سَوَاءٌ كَانَ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا وَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْهُ بَعْدَ الْعِتْقِ كَمَا كَانَ لَهُ الِاقْتِصَاصُ قَبْلَ الْعِتْقِ وَإِنْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ مُوجِبَةً لِلْمَالِ نُظِرَ حَالُ السَّيِّدِ فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا بِالْجِنَايَةِ كَانَ عِتْقُهُ نَافِذًا وَيَلْزَمُهُ ضَمَانُ أَرْشِ الْجِنَايَةِ لَا يُخْتَلَفُ لِاسْتِهْلَاكِهِ الْعَبْدَ بِالْعِتْقِ كَمَا لَوِ اسْتَهْلَكَهُ بِالْقَتْلِ، وَيَكُونُ ضَامِنًا لَأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ: مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ أَرْشِ جِنَايَتِهِ، لَا تُخْتَلَفُ لِأَنَّ الْعَبْدَ بِالْعِتْقِ مُسْتَهْلَكٌ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ مُعْسِرًا فَفِي نُفُوذِ عَتْقِهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يَنْفُذُ عِتْقُهُ كَمَا لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ.

وَالثَّانِي: عِتْقُهُ نَافِذٌ بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِأَنَّ فِي الْعِتْقِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى، لَا يُمْكِنُ إِسْقَاطُهُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ وَخَالَفَ الْبَيْعَ الَّذِي يُفْسَخُ بَعْدَ عَقْدِهِ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ ضَامِنًا لِأَرْشِ جِنَايَتِهِ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ فِي ذِمَّتِهِ.

وَأَمَّا قَوْلُ الْمُزَنِيِّ إِنَّ الشَّافِعِيَّ قَدْ سَوَّى بَيْنَ بَيْعِ الْمَرْهُونِ وَعِتْقِهِ وَكَذَا يَجِبُ أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَ بَيْعِ الْجَانِي وَعِتْقِهِ فَهَذَا سَهْوٌ مِنْهُ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ خَالَفَ بَيْنَ بَيْعِ الْمَرْهُونِ وَعِتْقِهِ لِأَنَّهُ أَبْطَلَ بَيْعَهُ قَوْلًا وَاحِدًا وَلَهُ فِي عِتْقِهِ ثَلَاثَةُ أَقَاوِيلَ فَكَذَا يَجِبُ أَنْ يَخْتَلِفَ الْحُكْمُ فِي بَيْعِ الْجَانِي وَعِتْقِهِ لِأَنَّ حُكْمَ الْعِتْقِ أَقْوَى وَأَنْفَذُ مِنَ الْبَيْعِ.

مَسْأَلَةٌ: هَلْ يَمْلِكُ الْعَبْدُ أَمْ لا

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَمَنِ اشْتَرَى عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ فَيَكُونَ مَبِيعًا ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ بِالْمِيرَاثِ وَلَا يَمْلِكُ مَا لَمْ يُمَلِّكْهُ السَّيِّدُ وَاخْتَلَفُوا هَلْ يَمْلِكُ إِذَا مَلَّكَهُ السَّيِّدُ مَالًا أَمْ لَا بَعْدَ اتِّفَاقِهِمْ أَنَّهُ يَمْلِكُ بُضْعَ زَوْجَتِهِ؟ .

فَقَالَ مَالِكٌ وَدَاوُدُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ إِنَّ الْعَبْدَ يَمْلِكُ الْمَالَ بِتَمْلِيكِ سَيِّدِهِ حَتَّى يَجُوزَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ وَيَتَصَرَّفَ فِي الْمَالِ كَيْفَ يَشَاءُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>