للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

باجتهاده ورميه، وَإِنْ حَدَثَتِ الرِّيحُ بَعْدَ إِرْسَالِ السَّهْمِ، فَفِي الِاحْتِسَابِ بِهِ وَجْهَانِ تَخْرِيجًا مِنَ اخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ فِي الِاحْتِسَابِ بِإِصَابَةِ الْمُزْدَلِفِ:

أَحَدُهُمَا: يُحْتَسَبُ بِهِ مصيباً إذا احتسب إصابة الْمُزْدَلِفِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُحْتَسَبُ مُصِيبًا، وَلَا مخطئاً إِذَا لَمْ يُحْتَسَبْ بِإِصَابَةِ الْمُزْدَلِفِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَخْرُجَ السَّهْمُ مُوَافِقًا لِلْهَدَفِ، فَتَعْدِلَ بِهِ الرِّيحُ حَتَّى يَخْرُجَ عَنِ الْهَدَفِ، فَيُعْتَبَرَ حَالُ الرِّيحِ، فَإِن كَانَتْ طَارِئَةً بَعْدَ خُرُوجِ السَّهْمِ عَنِ الْقَوْسِ أُلْغِيَ السَّهْمُ، وَلَمْ يُحْتَسَبْ بِهِ فِي الْخَطَأِ؛ لِأَنَّ التَّحَرُّزَ مِنْ حُدُوثِ الرِّيحِ غَيْرُ مُمْكِنٍ، فَلَمْ يُنْسَبْ إِلَى سُوءِ الرَّمْيِ، وَإِنْ كَانَتِ الرِّيحُ مَوْجُودَةً عِنْدَ خُرُوجِ السَّهْمِ نُظِرَ فِيهَا، فَإِنْ كَانَتْ قَوِيَّةً لَمْ يُحْتَسَبْ بِهِ فِي الْخَطَأِ؛ لِأَنَّهُ أَخْطَأَ فِي اجْتِهَادِهِ الَّذِي يَتَحَرَّزُ بِهِ مِنَ الرِّيحِ، وَلَمْ يُخْطِئْ مِنْ سُوءِ الرَّمْيِ، وَإِنْ كَانَتِ الرِّيحُ ضَعِيفَةً، فَفِي الِاحْتِسَابِ بِهِ مِنَ الْخَطَأِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَكُونُ خَطَأً؛ لِأَنَّنَا عَلَى يَقِينٍ مِنْ تَأْثِيرِ الرَّمْيِ، وَفِي شَكٍّ مِنْ تَأْثِيرِ الرِّيحِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَكُونُ مَحْسُوبًا فِي الْخَطَأِ؛ لِأَنَّ الرِّيحَ تُفْسِدُ صَنِيعَ الْمُحْسِنِ، وَإِنْ قَلَّتْ كَمَا تُفْسِدُهُ إِذَا كَثُرَتْ.

(فَصْلٌ:)

وَلَوْ هَبَّتِ الرِّيحُ، فَأَزَالَتِ الشَّنَّ عَنْ مَوْضِعِهِ إِلَى غَيْرِهِ لَمْ يَخْلُ حَالُ السَّهْمِ بَعْدَ زَوَالِ الشَّنِّ عَنْ مَوْضِعِهِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَقَعَ فِي غَيْرِ الشَّنِّ وَفِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ الَّذِي كَانَ فِيهِ، فَيُحْتَسَبَ بِهِ مُخْطِئًا؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْإِصَابَةِ قَبْلَ الرِّيحِ وَبَعْدَهَا.

وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَقَعَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ فِيهِ الشَّنُّ فِي الْهَدَفِ، فَيُحْتَسَبُ مُصِيبًا لِوُقُوعِهِ فِي مَحَلِّ الْإِصَابَةِ.

وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يقع في الثمن بَعْدَ زَوَالِهِ عَنْ مَوْضِعِهِ، فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَزُولَ الشَّنُّ عَنْ مَوْضِعِهِ بَعْدَ خُرُوجِ السَّهْمِ، فَيُحْتَسَبُ بِهِ فِي الْخَطَأِ لِوُقُوعِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْإِصَابَةِ عِنْدَ خُرُوجِ السَّهْمِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَخْرُجَ السَّهْمُ بَعْدَ زَوَالِ الشَّنِّ عَنْ مَوْضِعِهِ، وَعِلْمِ الرَّامِيِ بِزَوَالِهِ، فَيُنْظَرُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي صَارَ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ خَارِجًا مِنَ الْهَدَفِ لَمْ يُحْتَسَبْ بِهِ مُصِيبًا وَلَا مُخْطِئًا لِخُرُوجِهِ عَنْ مَحَلِّ الصَّوَابِ وَالْخَطَأِ، وَإِنْ كَانَ مُمَاثِلًا لِمَوْضِعِهِ مِنَ الْهَدَفِ احْتُسِبَ بِهِ مُصِيبًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ مَحِلًّا لِلْإِصَابَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>