للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من يومه، ليكون في الأولة مُسْتَوْفِيًا لِلْيَوْمِ، وَفِي الثَّانِيَةِ مُسْتَوْفِيًا لِبَقِيَّةِ الْيَوْمِ: لِوُقُوعِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْإِطْلَاقِ وَالتَّعْيِينِ.

(مَسْأَلَةٌ:)

قَالَ الشافعي: " وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يُسَاكِنَهُ وَهُوَ ساكنٌ فَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا سَاعَةً يُمْكِنُهُ التَّحْوِيلُ عَنْهُ حَنِثَ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا الْمُسَاكَنَةُ فَهِيَ الْمُفَاعَلَةُ بَيْنَ اثْنَيْنِ، فَأَكْثَرَ، فَإِذَا حَلَفَ " لَا سَاكَنْتُ فُلَانًا " فَالْيَمِينُ مُنْعَقِدَةٌ عَلَى أَنْ لَا يَجْتَمِعَا فِي مَسْكَنٍ واحدٍ، وَبَرَّ الْحَالِفُ بِخُرُوجِ أَحَدِهِمَا، فَإِنْ خَرَجَ الْحَالِفُ، وَبَقِيَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ، بَرَّ وَإِنْ خَرَجَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ، وَبَقِيَ الْحَالِفُ بَرَّ. وَإِنْ خَرَجَا مَعًا كَانَ أَوْكَدَ فِي الْبِرِّ، وَإِنْ بَقِيَا فِيهَا مَعًا، حَنِثَ الْحَالِفُ، وَإِنْ قَالَ " وَاللَّهِ لَا سَكَنْتُ مَعَ زَيْدٍ " فَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْبَصْرِيِّينَ أَحْسَبُهُ " أَبَا الْفَيَّاضِ " إِلَى أَنَّ الْيَمِينَ تَكُونُ مُتَعَلِّقَةً بِفِعْلِ الْحَالِفِ وَحْدَهُ، فَإِنْ خَرَجَ الْحَالِفُ بَرَّ، وَإِنْ خَرَجَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ، لَمْ يَبَرَّ، لِأَنَّهُ أَضَافَ الْفِعْلَ إِلَى نَفْسِهِ، وَهَكَذَا لَوْ قَالَ: " وَاللَّهِ لَا سَكَنَ مَعِي زَيْدٌ كَانَ تَعَلُّقُ الْبِرِّ بِفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَحْدَهُ، فَإِنْ خَرَجَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ بَرَّ، وَإِنْ خَرَجَ الْحَالِفُ لَمْ يَبَرَّ، لِأَنَّهُ أَضَافَ الْفِعْلَ إِلَى الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ إِلَى نَفْسِهِ وَفَرْقٌ بَيْنَ هَذَيْنِ، وَبَيْنَ الْمُسَاكَنَةِ، وَهَذَا وَإِنْ كَانَ لَهُ وَجْهٌ فَهُوَ ضَعِيفٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَبَرُّ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ بِخُرُوجِ أَحَدِهِمَا، لِأَنَّ الْيَمِينَ مَعَهَا مَعْقُودَةٌ عَلَى الْإِجْمَاعِ فِيهَا، وَبِخُرُوجِ أَحَدِهِمَا يَزُولُ الِاجْتِمَاعُ، فَوَجَبَ أَنْ يَقَعَ لَهُ الْبِرُّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَصْلٌ:)

وَلَوْ قَالَ وَاللَّهِ لَا سَكَنْتُ زَيْدًا وَعَمْرًا بَرَّ بِخُرُوجِ أَحَدِهِمَا.

وَلَوْ قَالَ وَاللَّهِ لَا سَاكَنْتُ زَيْدًا، وَلَا عَمْرًا، لَمْ يَبَرَّ بِخُرُوجِ أَحَدِهِمَا، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَحْلُوفٌ عَلَيْهِ، وَكَانَ بَرُّهُ بِخُرُوجِهِ دُونَهُمَا، أَوْ بِخُرُوجِهِمَا مَعًا دُونَهُ، وَفِي الأولى يبر بخروجه، أو بخروج أحدهما لأنه يَمِينَهُ فِي الْأُولَى مَعْقُودَةٌ عَلَى الِاجْتِمَاعِ، وَفِي الثانية معقودة على الإفراد. والله أعلم.

[(مسألة:)]

قال الشافعي: " ولو كانا في بيتين فجعل بينهما حداً وَلِكُلِّ واحدٍ مِنَ الْحُجْرَتَينِ بابٌ فَلَيْسَتْ هَذِهِ بِمُسَاكَنَةٍ وَإِنْ كَانَا فِي دارٍ واحدةٍ وَالْمُسَاكَنَةُ أَنْ يَكُونَا فِي بيتٍ أَوْ بَيْتَيْنِ حُجْرَتُهُمَا واحدةٌ وَمَدْخَلُهُمَا واحدٌ وَإِذَا افْتَرَقَ الْبَيْتَانِ أَوِ الْحُجْرَتَانِ فَلَيْسَتْ بمساكنةٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ نيةٌ فهو على ما نوى، فإن قيل ما الحجة في أن النقلة ببدنه دون متاعه وأهله وماله؟ قيل أرأيت إذا سافر أيكون من أهل السفر فيقصر؟ أو رأيت لو انقطع إلى مكة ببدنه أيكون من حاضري المسجد الحرام الذين إن تمتعوا لم يكن عليهم دمٌ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>