لِمَأْكَلَةٍ فَوَصَلَ إِلَى الْجَوْهَرَةِ رَجَعَ بِهَا الْمَالِكُ وَرَدَّ مَا أَخَذَهُ مِنَ الْقِيمَةِ كَمَا لَوْ أَخَذَ قِيمَةَ آبِقٍ ثُمَّ وَجَدَهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ قِيمَةَ مَالِهِ مِثْلُ عِنْدِ عَدَمِ الْمِثْلِ ثُمَّ يَجِدُ الْمِثْلَ فَيَسْتَقِرُّ مِلْكُهُ عَلَى الْقِيمَةِ وَلَا يَرْجِعُ بِالْمِثْلِ وَكَذَا لَوْ سَافَرَ عَنْ عَبْدٍ غُصِبَهُ بِالْبَصْرَةِ فَالْتَقَى بِمَالِكِهِ بِمَكَّةَ فَأَخَذَ مِنْهُ قِيمَةَ الْعَبْدِ بِالْبَصْرَةِ ثُمَّ قَدِمَا إِلَى الْبَصْرَةِ بَعْدَ أَخْذِ الْقِيمَةِ اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ عَلَى الْقِيمَةِ وَلَا يَرْجِعُ بِالْعَبْدِ هُوَ أَنَّ جَوَازَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى ذَبْحِ الْبَهِيمَةِ لِأَخْذِ مَا فِيهَا مِنَ الْجَوْهَرَةِ حَرَامٌ فَكَانَ أَخْذُ الْقِيمَةِ ضَرُورَةً فَإِذَا حُصِّلَتِ الْجَوْهَرَةُ زَالَتِ الضَّرُورَةُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إِذَا اتَّفَقَا عَلَى الْقُدُومِ إِلَى الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الْمَغْصُوبُ وَالصَّبْرِ عَلَى أَنْ يَأْتِيَ بِمِثْلِ ذِي الْمِثْلِ فَيَجُوزُ وَلَا يَحْرُمُ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرُورَةٌ يُعْتَبَرُ زَوَالُهَا فِي الرُّجُوعِ فَصَارَ أَخْذُ الْقِيمَةِ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ يَرْجِعُ فِي مَوْضِعَيْنِ مِنْهَا بِالْأَصْلِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ وَهِيَ الْآبِقُ إِذَا ظَهَرَ، وَالْعُدُولُ إِلَى الْمَغْصُوبِ بَعْدَ أَخْذِ الْقِيمَةِ. وَلَا يَرْجِعُ فِي مَوْضِعَيْنِ مِنْهَا بِالْأَصْلِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَهُمَا: الْمِثْلُ إِذَا وُجِدَ بَعْدَ أَخْذِ الْقِيمَةِ، وَالْقَدُّومِ إِلَى بَلَدِ الْمَغْصُوبِ الْبَاقِي بَعْدَ أَخْذِ الْقِيمَةِ.
فَصْلٌ
: وَإِذَا تَبَايَعَا بَهِيمَةً وَابْتَلَعَتْ ثَمَنَهَا فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ سَوَاءٌ كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا أَوْ فِي الذِّمَّةِ أَبْرَأَهُ الْمُشْتَرِي مِنْهُ بِالدَّفْعِ ثُمَّ يُنْظَرُ فِي الْبَهِيمَةِ فَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ الْبَائِعِ فالثَّمَن غَيْر مَضْمُونٍ لِأَنَّ ما جنته في يده مَضْمُونٌ عَلَيْهِ وَالثَّمَنُ مِلْكٌ لَهُ وَعَلَيْهِ تَسْلِيمُ الْبَهِيمَةِ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى الثَّمَنِ بِمَوْتٍ أَوْ بِذَبْحٍ اخْتَارَهُ الْمُشْتَرِي لِمَأْكَلِهِ رُدَّ عَلَى الْبَائِعِ وَإِنْ كَانَتِ الْبَهِيمَةُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَالثَّمَنُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ لِلْبَائِعِ فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَأْكُولَةٍ غَرِمَ مِثْلَهُ وَإِنْ كَانَتْ مَأْكُولَةً فَهَلْ تُذْبَحُ لِأَخْذِ الثَّمَنِ مِنْهَا أَمْ لَا عَلَى مَا مَضَى مِنَ الْقَوْلَيْنِ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ تَبْتَلِعَ الثَّمَنَ قَبْلَ قَبْضِهِ. فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ فِي الذِّمَّةِ لَمْ يَتَعَيَّنْ بِالْعَقْدِ فَالْبَيْعُ لَا يَبْطُلُ وَهُوَ بَاقٍ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي ثُمَّ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَتِ الْبَهِيمَةُ عِنْدَ ذَلِكَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَمَا ابْتَلَعَهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَمَّا الْبَائِعُ فَلِزَوَالِ يَدِهِ بِالتَّسْلِيمِ وَأَمَّا الْمُشْتَرِي فَلِأَنَّهُ مَالُهُ وَجِنَايَةُ الْبَهِيمَةِ مِنْ ضَمَانِهِ وَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَتِ الْبَهِيمَةُ مِمَّا لَا تُؤْكَلُ لَزِمَهُ غُرْمُ مِثْلِهِ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ لَهُ الثَّمَنُ وَعَلَيْهِ مِثْلُهُ يَتَقَاضَانه وَإِنْ كَانَتِ الْبَهِيمَةُ مَأْكُولَةً فَهَلْ تُذْبَحُ أَمْ لَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ فَإِنْ قِيلَ لَا تُذْبَحُ لَزِمَ غُرْمَ مِثْلِ الثَّمَنِ وَتَقَصَّاهُ وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي فِي فَسْخِ الْبَيْعِ وَإِنْ قِيلَ تُذْبَحُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَقَصَّاهُ لِأَنَّ وُجُودَ عَيْنِهِ يَمْنَعُ مِنَ اسْتِقْرَارِهِ فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ وَالْعَيْنُ لَا تَكُونُ قِصَاصًا مِنَ الذِّمَّةِ فَعَلَى هَذَا يَسْتَحِقُّ الْمُشْتَرِي الْخِيَارَ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ لِأَنَّ ذَبْحَ الْبَهِيمَةِ قَدِ اسْتُحِقَّ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَذَلِكَ عَيْبٌ حَادِثٌ وَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ فَلِأَجْلِهِ مَا اسْتَحَقَّ الْمُشْتَرِي خِيَارًا بِهِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُسْتَحِقَّ لِمَا أَوْجَبَ الْعَيْبَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute