للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ كَالسَّبْقِ بِالْخَيْلِ حَتَّى يَعْقِدَ عَلَى عَدَدِ الْإِصَابَةِ دُونَ بُعْدِ الْمَدَى.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَصِحُّ أَنْ يُعْقَدَ عَلَى بُعْدِ المدى كما يصح أن يعقد على عَدَدُ الْإِصَابَةِ، لِأَنَّ كُلَّ واحدٍ مِنْ بُعْدِ الْمَدَى، وَمِنَ الْإِصَابَةِ مُؤَثِّرٌ فِي الْعَقْدِ، فَصَحَّ الْعَقْدُ عَلَيْهِمَا، وَلَا يُؤَثِّرُ فِي الْعَقْدِ الْإِفْرَاهُ الْخَيْلَ بِالسَّبْقِ إِلَى غَايَةٍ فَافْتَرَقَا.

وَالشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ الْمَسَافَةُ الْمَشْرُوطَةُ مُسَمَّاةً يُمْكِنُ أَنْ يَنْتَهِيَ شَوْطُ الْفَرَسِ إِلَيْهَا غَيْرَ مُنْقَطِعٍ فِي الْعُرْفِ، فَإِنْ زَادَتْ حَتَّى لَا يَنْتَهِيَ شَوْطُهُ إِلَيْهَا إِلَّا مُنْقَطِعًا لَمْ تَجُزْ لِتَحْرِيمِ ذَلِكَ مِنْ حُقُوقِهِمَا وَأَنَّ الِانْتِهَاءَ إِلَيْهَا مُمْتَنِعٌ، فَإِنْ كَانَتْ مَسَافَةُ السَّبْقِ تَنْتَهِي إِلَيْهَا هِجَانُ الْخَيْلِ الشَّدِيدَةِ دُونَ عِتَاقِهَا الضَّعِيفَةِ جَازَ الِاسْتِبَاقُ إِلَيْهَا بِالْهِجَانِ دُونَ الْعِتَاقِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ مَسَافَةً يَنْتَهِي إِلَيْهَا شَوْطُ الْإِبِلِ دُونَ الْخَيْلِ جَازَ الِاسْتِبَاقُ إِلَيْهَا بِالْإِبِلِ دُونَ الْخَيْلِ.

وَالشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ يَتَسَاوَيَا فِي ابْتِدَاءِ الْجَرْيِ وَانْتِهَائِهِ لِيَكُونَا فِي الْغَايَةِ مُتَسَاوِيَيْنِ، وَلَا يَفْضُلُ أَحَدُهُمَا بِشَيْءٍ فِي الِابْتِدَاءِ وَالِانْتِهَاءِ، وَإِنْ فَضَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بِشَيْءٍ، وَإِنْ قَلَّ فَسَدَ السَّبْقُ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالسَّبْقِ الْعِلْمُ بِأَفْرَهِ الْفَرَسَيْنِ وَلَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مَعَ التَّفْضِيلِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

(فَصْلٌ:)

وَإِذَا عَثَرَ أَحَدُ الْفَرَسَيْنِ أَوْ سَاخَتْ قَوَائِمُهُ فِي الْأَرْضِ، فسَبْقِ الْآخَرِ لَمْ يُحْتَسَبْ لَهُ بِالسَّبْقِ، لِأَنَّ الْعَثْرَةَ أَخَّرَتْهُ، وَلَوْ كَانَ الْعَاثِرُ هُوَ السَّابِقَ احْتُسِبَ سَبْقُهُ، لِأَنَّهُ إِذَا سَبَقَ مَعَ الْعَثْرَةِ كَانَ بَعْدَهَا أَسْبَقَ، وَلَوْ وَقَفَ أَحَدُ الْفَرَسَيْنِ بَعْدَ الْجَرْيِ حَتَّى وَصَلَ الْآخَرُ إِلَى غَايَتِهِ كَانَ مَسْبُوقًا إِنْ وَقَفَ لِغَيْرِ مَرَضٍ، وَلَا يَكُونُ مَسْبُوقًا إِنْ وَقَفَ لِمَرَضٍ فَأَمَّا إِنْ وَقَفَ قَبْلَ الْجَرْيِ لَمْ يَكُنْ مَسْبُوقًا سَوَاءٌ وَقَفَ لِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِ مَرَضٍ، لِأَنَّهُ بَعْدَ الجري مشارك - والله أعلم -.

[(مسألة:)]

قال الشافعي: " وَالنِّضَالُ فِيمَا بَيْنَ الرُّمَاةِ كَذَلِكَ فِي السَّبْقِ وَالْعِلَلِ يَجُوزُ فِي كُلِّ واحدٍ مِنْهُمَا مَا يَجُوزُ فِي الْآخَرِ ثُمَّ يَتَفَرَّعَانِ فَإِذَا اخْتَلَفَتْ عِلَلُهُمَا اخْتَلَفَا ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا السِّبَاقُ فَاسْمٌ يَشْتَمِلُ عَلَى الْمُسَابَقَةِ بِالْخَيْلِ حَقِيقَةً وَعَلَى الْمُسَابَقَةِ بِالرَّمْيِ مَجَازًا، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا اسْمٌ خَاصٌّ: فَتَخْتَصُّ الْخَيْلُ بِالرِّهَانِ، وَيَخْتَصُّ الرَّمْيُ بِالنِّضَالِ.

- فَأَمَّا قَوْلُهُمْ: سَبَّقَ فُلَانٌ بِتَشْدِيدِ الْبَاءِ فَمِنْ أَسْمَاءِ الْأَضْدَادِ يُسَمَّى بِهِ مَنْ أَخْرَجَ مَالَ السَّبَقِ، وَيُسَمَّى بِهِ مَنْ أَحْرَزَ مَالَ السَّبَقِ، وَقَدْ مَضَى حُكْمُ السِّبَاقِ بِالْخَيْلِ.

- فَأَمَّا السِّبَاقُ بِالنِّضَالِ فَهُمَا مِنَ الْإِبَاحَةِ سَوَاءٌ، وَالْخِلَافُ فِيهِمَا وَاحِدٌ، وقد تقدم

<<  <  ج: ص:  >  >>