سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فِي عَشَرَةٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَبَنَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بَعْدَ سَبْعَةِ أَشْهُرٍ مِنْ مَقْدَمِهِ الْمَدِينَةَ فِي شَوَّالٍ، وَكَانَ قَدْ تزوجها بمكة قبل الهجرة بثلاثة سِنِينَ فِي شَوَّالٍ بَعْدَ وَفَاةِ خَدِيجَةَ، وَهِيَ ابْنَةُ سِتِّ سِنِينَ
وَقِيلَ: ابْنَةُ سَبْعٍ وَكَانَ قَدْ تَزَوَّجَ قَبْلَهَا بَعْدَ خَدِيجَةَ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ، وَقَدِمَتْ عَلَيْهِ بَعْدَ هِجْرَتِهِ
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ النَّقْلِ فِي مُدَّةِ مَقَامَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بمكة بعد النبوة فقال الأكثرون: ثلاث عشر سنة وقال آخرون عشرة سِنِينَ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا قَوْلُ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ قُرِنَ بِإِسْرَافِيلَ ثَلَاثَ سِنِينَ، ثُمَّ قُرِنَ بِجِبْرِيلَ حَتَّى نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ
(فَصْلٌ)
: وَلَمَّا اسْتَقَرَّتْ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دَارُ هِجْرَتِهِ وَنَزَلَ الْمُهَاجِرُونَ عَلَى الْأَنْصَارِ آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَيْنَ أَصْحَابِهِ، لِيَزِيدَهُمْ أُلْفَةً، وَتَنَاصُرًا، ثُمَّ وَادَعَ مَنْ حَوْلَهُ مِنَ الْيَهُودِ لِتَسْتَقِرَّ بِهِمُ الدَّارُ، وإنهم أهل كتاب يرجوا مِنْهُمْ أَنْ يُؤَدُّوا الْأَمَانَةَ بِإِظْهَارِ مَا فِيهِ مِنْ ذِكْرِ نُبُوَّتِهِ، فَخَانُوا الْأَمَانَةَ وَجَحَدُوا الصِّفَةَ، وَظَهَرَ الْمُنَافِقُونَ بِالْمَدِينَةِ، يُعْلِنُونَ الْإِسْلَامَ وَيُبْطِنُونَ الْكُفْرَ، وَيُوَافِقُونَ الْيَهُودَ فِي السِّرِّ عَلَى التَّكْذِيبِ، وَكَانَ النِّفَاقُ فِي الشُّيُوخِ وَلَمْ يَكُنْ فِي الْأَحْدَاثِ إِلَّا وَاحِدٌ وَكَانَ رَأْسَ الْمُنَافِقِينَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ فَصَارَ فِيهِمْ رَسُولُ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِقَبُولِ الظَّاهِرِ مِنْ إِسْلَامِهِمْ، وَإِنْكَارِ الْبَاطِنِ مِنْ نِفَاقِهِمْ، وَقَصَدَتْهُ الْيَهُودُ بِالْمَكْرِ، فَحَرَّضُوا بَيْنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ، وَذَكَّرُوهُمْ تُرَاثَ الْجَاهِلِيَّةِ لِيَخْتَلِفُوا فَيُنْقَضُ بِهِمْ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ، وَقَطَعَ اخْتِلَافَهُمْ وَعَادَتْ أُلْفَتُهُمْ وَهُوَ مع ذلك يدعوا إِلَى الْإِسْلَامِ حَتَّى أُذِنَ لَهُ فِي الْقِتَالِ، فَكَانَ أَوَّلُ لِوَاءٍ عَقَدَهُ فِي سَنَةِ مَقْدَمِهِ لِحَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِي ثَلَاثِينَ رَجُلًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، فِي شَهْرِ رَمَضَانَ بَعْدَ سَبْعَةِ أَشْهُرٍ مِنْ هِجْرَتِهِ لِيَعْتَرِضَ عِيرًا لِقُرَيْشٍ فِيهَا أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ فِي ثَلَاثِمِائَةِ رَجُلٍ فَبَلَغُوا سَيْفَ الْبَحْرِ وَاصْطَفَّوْا لِلْقِتَالِ، حَتَّى حَجَرَ بَيْنَهُمْ، مَجْدِيُّ بْنُ عَمْرٍو الْجُهَنِيُّ فَافْتَرَقُوا وَعَادَ حَمْزَةُ وَلَمْ يَلْقَ كَيْدًا.
ثُمَّ سَرِيَّةُ عُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَقَدَ لَهُ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِوَاءً فِي شَوَّالٍ، وَهُوَ الشَّهْرُ الثَّامِنُ مِنْ هِجْرَتِهِ عَلَى سِتِّينَ رَجُلًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، لِيَعْتَرِضَ عِيرًا لِقُرَيْشٍ فِيهَا أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ فِي مِائَتَيْ رَجُلٍ عَلَى عَشَرَةِ أَمْيَالٍ مِنَ الْجُحْفَةِ فَتَنَاوَشُوا، وَلَمْ يُسِلُّوا السُّيُوفَ
وَرَمَى سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ بِسَهْمٍ فَكَانَ أَوَّلَ سَهْمٍ رُمِيَ فِي الْإِسْلَامِ، وَعَادَ وَلَمْ يَلْقَ كَيْدًا.
ثُمَّ سَرِيَّةُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فِي ذِي الْقَعْدَةِ بَعْدَ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ مَنْ هِجْرَتِهِ عَقَدَ لَهُ لِوَاءً عَلَى عِشْرِينَ رَجُلًا، لِيَعْتَرِضَ عِيرًا لِقُرَيْشٍ، فَفَاتَتْهُ فَكَانَتْ لَهُ فِي السَّنَةِ الأولة من هجرته هذه السرايا الثلاث
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute