للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَصُورَتُهَا أَنْ يَكُونَ عُلُوُّهَا لِرَجُلٍ وَسُفْلُهَا لِغَيْرِهِ وَاخْتَلَفَا فِي عَرْصَةِ الدَّارِ فَادَّعَاهَا صَاحِبُ السُّفْلِ وَقَالَ هِيَ لِي وَادَّعَاهَا صَاحِبُ الْعُلُوِّ وَقَالَ هِيَ لِي، فَلَا يَخْلُو حَالُ الْعَرْصَةِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ:

إِمَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهَا مَمَرٌّ لِصَاحِبِ الْعُلُوِّ أَوْ لَيْسَ لَهُ عَلَيْهَا مَمَرٌّ.

فَإِنْ كَانَ عَلَيْهَا لِصَاحِبِ الْعُلُوِّ مَمَرٌّ وَاسْتِطْرَاقٌ لِأَنَّهُ يَصْعَدُ إِلَى عُلُوِّهِ بَعْدَ اجْتِيَازِهِ فِيهَا فَهِيَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ أَنْ يَتَحَالَفَا عَلَيْهَا. لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُتَصَرِّفٌ فِيهَا فَصَارَتْ بِأَيْدِيهِمَا فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ بَيْنَهُمَا.

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا لِصَاحِبِ الْعُلُوِّ مَمَرٌّ وَلَا لَهُ فِيهَا اسْتِطْرَاقٌ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ محولة عن ممره وموضع استطراقه بِبَابٍ أَوْ بِنَاءٍ كَدَوَاخِلِ الْبُيُوتِ فَيَكُونَ ذَلِكَ لِصَاحِبِ السُّفْلِ لَا يَخْتَلِفُ لِأَنَّهُ قَدْ تَفَرَّدَ بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ فَصَارَ مُنْفَرِدًا بِالْيَدِ عَلَيْهِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا بِمَمَرِّهِ وَمَوْضِعِ اسْتِطْرَاقِهِ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ دُونَهُ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ مَمَرُّهُ فِي بَعْضِ الصَّحْنِ وَبَاقِيهِ مُتَّصِلٌ بِهِ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْعُلُوِّ اسْتِطْرَاقٌ فِيهِ. فَالْقَدْرُ الَّذِي يَسْتَحِقُّ فِيهِ مَمَرًّا أَوِ اسْتِطْرَاقًا يَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَمَا وَرَاءَهُ مِمَّا لَا حَقَّ لَهُ فِي اسْتِطْرَاقِهِ وَلَا حَائِلَ دُونَهُ فِيهِ وَجْهَانِ: -

أَصَحُّهُمَا: يَكُونُ لِصَاحِبِ السُّفْلِ لِتَفَرُّدِهِ بِالْيَدِ عَلَيْهِ.

وَالثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ أَصْحَابِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ إِنَّهُ يَكُونُ بَيْنَهُمَا. لِاتِّصَالِهِ بِمَا هَذَا حُكْمُهُ.

وَمِنْ هذين الوجهين مضى تخريج الوجهين في عرضة الزقاق المرفوع.

[(مسألة)]

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " وَلَوْ كَانَ فِيهَا دَرَجٌ إِلَى عُلُوِّهَا فَهِيَ لِصَاحِبِ الْعُلُوِّ كَانَتْ مَعْقُودَةً أَوْ غَيْرَ مَعْقُودَةٍ لِأَنَّهَا تُتَّخَذُ مَمَرًّا وَإِنِ انْتُفِعَ بِمَا تَحْتَهَا ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ. إِذَا اخْتَلَفَ صَاحِبُ السُّفْلِ وَصَاحِبُ الْعُلُوِّ فِي دَرَجَةٍ فَادَّعَاهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَا يَخْلُو حَالُهَا مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ:

إِمَّا أَنْ يَكُونَ تَحْتَهَا مِرْفَقٌ لِصَاحِبِ السُّفْلِ أَمْ لَا.

فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَحْتَهَا مِرْفَق لِصَاحِبِ السُّفْلِ بَلْ كَانَتْ صَمَّاءَ فَهِيَ لِصَاحِبِ الْعُلُوِّ لِأَنَّهَا لَا تُتَّخَذُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ إِلَّا مَمَرًّا فَصَارَ صَاحِبُ الْعُلُوِّ أَحَقَّ بِهَا بِالتَّصَرُّفِ فِيهَا وَالْيَدِ عَلَيْهَا. فَكَانَ أَحَقَّ بِهَا وَسَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ خَشَبٍ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ. وَإِنْ كَانَ تَحْتَهَا مِرْفَقٌ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>