للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَوْ قَالَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ كُلِّهَا: أَرَدْتُ بِقَوْلِي إِذَا طَلَّقْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، أَنَّهَا تَكُونُ طَالِقًا بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا، إِخْبَارًا عَنْهُ، وَلَمْ أُرِدْ بِهِ عَقْدَ طَلَاقٍ بِصِفَةٍ، دِينَ فِي الْفُتْيَا، فَلَمْ يَلْزَمْهُ فِي الْبَاطِنِ إِلَّا وَاحِدَةٌ، لِاحْتِمَالِ مَا أَرَادَ، وَلَزِمَهُ فِي ظَاهِرِ الْحُكْمِ طَلْقَتَانِ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الظَّاهِرِ.

(فَصْلٌ:)

ثُمَّ يَتَفَرَّعُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، أَنْ يَقُولَ وَلَهُ امْرَأَتَانِ حَفْصَةُ وَعَمْرَةُ: يَا حَفْصَةُ كُلَّمَا طَلَّقْتُ عَمْرَةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَيَا عَمْرَةُ كُلَّمَا طَلَّقْتُ حَفْصَةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَدْ جَعَلَ طَلَاقَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا صِفَةً فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَى الْأُخْرَى، إِلَّا أَنَّهُ قَدَّمَ عَقْدَ الطَّلَاقِ عَلَى حَفْصَةَ قَبْلَ عَمْرَةَ. فَإِنِ ابْتَدَأَ فَقَالَ لِحَفْصَةَ: أَنْتِ طَالِقٌ، طُلِّقَتْ حَفْصَةُ وَاحِدَةً مُبَاشَرَةً، وَطُلِّقَتْ عَمْرَةُ ثَانِيَةً بِالصِّفَةِ وَهِيَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ عَلَى عَمْرَةَ، فَتُطَلَّقُ حَفْصَةُ طَلْقَتَيْنِ وَتُطَلَّقُ عَمْرَةُ طَلْقَةً وَاحِدَةً، وَلَوِ ابْتَدَأَ فَقَالَ لِعَمْرَةَ أَنْتِ طَالِقٌ، طُلِّقَتْ عَمْرَةُ وَاحِدَةً بِالْمُبَاشَرَةِ وَطُلِّقَتْ حَفْصَةُ وَاحِدَةً بِالصِّفَةِ، وَلَمْ تُطَلَّقْ عَمْرَةُ ثَانِيَةً لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَى حَفْصَةَ، وَإِنْ طُلِّقَتْ حَفْصَةُ ثَانِيَةً، بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَى عَمْرَةَ؛ لِأَنَّهُ مُبْتَدِئٌ بِعَقْدِ الْيَمِينِ عَلَى حَفْصَةَ، وَمُؤَخِّرٌ عَقْدَ الْيَمِينِ عَلَى عَمْرَةَ، فَطُلِّقَتْ حَفْصَةُ ثَانِيَةً بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَى عَمْرَةَ، لِحُدُوثِ عَقْدِ طَلَاقِهَا بَعْدَ يَمِينِهِ عَلَى حَفْصَةَ وَلَمْ تُطَلَّقْ عَمْرَةُ ثَانِيَةً بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَى حَفْصَةَ، لِتَقَدُّمِ عَقْدِ طَلَاقِهَا قَبْلَ يَمِينِهِ عَلَى عَمْرَةَ.

(فَصْلٌ:)

وَإِذَا كَانَ لَهُ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ فَقَالَ: كُلَّمَا وَلَدَتْ وَاحِدَةٌ مِنْكُنَّ فَصَوَاحِبُهَا طَوَالِقُ، فَوَلَدْنَ جَمِيعًا، فَهَذَا يَنْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ نُبَيِّنُ بِهِ حُكْمَ مَا زَادَ عَلَيْهَا.

أَحَدُ الْأَقْسَامِ: أَنْ يَلِدْنَ مَعًا فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ، فَتُطَلَّقُ كُلُّ واحدة منهن ثلاثاً ثلاثاً ويعتد بالأقراء، لأن لِكُلِّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثَ صَوَاحِبَ، يَقَعُ عَلَيْهَا بِوِلَادَةِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ طَلْقَةٌ وَلِذَلِكَ طُلِّقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ ثَلَاثًا بِوِلَادَةِ صَوَاحِبِهَا الثَّلَاثِ، وَاعْتَدَدْنَ بِالْأَقْرَاءِ، لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهِنَّ بَعْدَ الْوِلَادَةِ، وَأَوَّلُ عِدَدِهِنَّ طُهْرُهُنَّ بَعْدَ انْقِضَاءِ النِّفَاسِ.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَلِدْنَ جَمِيعًا وَاحِدَةٌ بَعْدَ وَاحِدَةٍ، فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيمَا يَقَعُ عَلَيْهِنَّ مِنْ عَدَدِ الطَّلَاقِ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ بْنِ الْحَدَّادِ الْمِصْرِيِّ، ذَكَرَهُ فِي فُرُوعِهِ، وَتَابَعَهُ عَلَيْهِ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْأُولَى تُطَلَّقُ ثَلَاثًا، وَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِالْأَقْرَاءِ، وَالثَّانِيَةَ تُطَلَّقُ وَاحِدَةً وَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِالْوِلَادَةِ، وَالثَّالِثَةَ تُطَلَّقُ طَلْقَتَيْنِ وَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِالْوِلَادَةِ وَالرَّابِعَةَ تُطَلَّقُ ثَلَاثًا وَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِالْوِلَادَةِ.

وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ، لِأَنَّ الْأُولَى إِذَا وَلَدَتْ طُلِّقَ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الثَّلَاثِ وَاحِدَةً وَاحِدَةً وَلَمْ تُطَلَّقِ الْأُولَى، لِأَنَّ وِلَادَةَ كُلِّ وَاحِدَةٍ صِفَةٌ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَى غيرها،

<<  <  ج: ص:  >  >>