للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلِرَبِّ الْمَالِ حَالَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَدَّعِيَ شُبْهَةً فَيَقُولَ لَمْ أَعْلَمْ بِتَحْرِيمِ كَتْمِهَا وَهُوَ حَدِيثُ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ فَهَذَا مَعْذُورٌ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ قَدْرُ الواجب عليه من غير تعذير، والثاني: أن تكون له شبهة كَتْمِهَا وَمَنَعَ الْإِمَامَ مِنْهَا لِعِلْمِهِ بِوُجُوبِهَا فَيَكُونَ بِكَتْمِهَا عَاصِيًا، آثِمًا، وَيُعَزِّرُهُ الْإِمَامُ أَدَبًا وَزَجْرًا، ويأخذ منه زَكَاتِهِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ.

وَقَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ: تُؤْخَذُ مِنْهُ الزَّكَاةُ وَشَطْرُ مَالِهِ تَعَلُّقًا بِرِوَايَةِ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: مَنْ غَلَّ صَدَقَتَهُ فَإِنَّا آخِذُوهَا وَشَطْرَ مَالِهِ عَزْمَةٌ مِنْ عَزَمَاتِ رَبِّنَا لَيْسَ لِآلِ مُحَمَّدٍ فِيهَا نَصِيبٌ وَهَذَا خَطَأٌ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لَيْسَ فِي الْمَالِ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ ".

وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه قال: " لا ثنيا فِي الصَّدَقَةِ " أَيْ: لَا تُؤْخَذُ فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ.

فَأَمَّا تَعَلُّقُهُمْ بِالْحَدِيثِ فَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: إِنْ صَحَّ إِسْنَادُهُ وَثَبَتَ نَقْلُهُ عَمِلَ عَلَيْهِ وصبر إِلَيْهِ، لِأَنَّ رِوَايَةَ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ ضَعِيفَةٌ.

وقال أبو العباس بَلْ مَعْنَاهُ إِنْ صَحَّ ثُبُوتُ حُكْمِهِ وَأَنَّهُ غَيْرُ مَنْسُوخٍ وَلَمْ يَكُنْ أَصْلٌ يَدْفَعُهُ وَلَا إِجْمَاعٌ يُخَالِفُهُ عُمِلَ عَلَيْهِ، وَأُصُولُ الشَّرْعِ تَدْفَعُهُ وإجماع الصحابة على ترك العمل به فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ مَعَ صِحَّةِ إِسْنَادِهِ حُجَّةٌ والله أعلم.

[مسألة:]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ ضَرَبَتْ غَنَمَهُ فُحُولُ الظِّبَاءِ، لَمْ يَكُنْ حكم أولادها كحكم الْغَنَمِ، كَمَا لَمْ يَكُنْ لِلْبَغْلِ فِي السُّهْمَانِ حُكْمُ الْخَيْلِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا الظِّبَاءُ وَجَمِيعُ الصَّيْدِ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا إِجْمَاعًا، لِاسْتِوَاءِ الْأَغْنِيَاءِ وَالْفُقَرَاءِ فِي تَمَلُّكِهَا، وَالْقُدْرَةِ عَلَيْهَا وَأَمَّا الْمُتَوَلَّدُ مِنْ ظِبَاءٍ وَغَنَمٍ، أَوْ مِنْ بَقَرِ وَحْشٍ وَأَهْلِيَّةٍ فَإِنْ كَانَتِ الْأُمَّهَاتُ ظِبَاءً، وَالْفُحُولُ غَنَمًا فَلَا زَكَاةَ فِيهَا إِجْمَاعًا، وَإِنْ كَانَتِ الْأُمَّهَاتُ غَنَمًا وَالْفُحُولُ ظِبَاءً فَلَا زَكَاةَ فِيهَا أَيْضًا، عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ، وَيَكُونُ حُكْمُهَا حُكْمَ الظِّبَاءِ فِي الضَّحَايَا وَالْجَزَاءِ.

وَقَالَ أبو حنيفة: حُكْمُهَا حُكْمُ الْغَنَمِ تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ، وَتَجُوزُ فِيهَا الضَّحَايَا، وَلَا يَجِبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>