فِي قَتْلِهَا الْجَزَاءُ اسْتِدْلَالًا بِأَنَّ الْوَلَدَ لَمَّا كَانَ تَابِعًا لِأُمِّهِ فِي الْمِلْكِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ تَابِعًا لِأُمِّهِ فِي الزَّكَاةِ، أَلَا تَرَى أن ولد الأمة ملك لسيدها، ولو نَزَا فَحْلُ رَجُلٍ عَلَى شَاةٍ لِغَيْرِهِ كَانَ الْوَلَدُ لِصَاحِبِ الشَّاةِ دُونَ الْفَحْلِ.
قَالَ: وَلِأَنَّهُ لَوْ ضَرَبَتْ فُحُولُ الْغَنَمِ الْمَعْلُوفَةِ إِنَاثَ الْغَنَمِ السَّائِمَةِ وَجَبَتِ الزَّكَاةُ فِي أَوْلَادِهَا تَبَعًا لِأُمَّهَاتِهَا، وَلَمْ يَكُنْ سُقُوطُ الزَّكَاةِ فِي الْآبَاءِ بِمُسْقِطٍ لِلزَّكَاةِ فِي الْأَوْلَادِ، كَذَلِكَ إِذَا كَانَ الْفُحُولُ ظِبَاءً وَالْأُمَّهَاتُ غَنَمًا، قَالُوا: وَلِأَنَّهُ لَمَّا وَجَبَ الْجَزَاءُ فِيمَا تَوَلَّدَ مِمَّا فِيهِ الْجَزَاءُ وَمَا لا جزاء فيه ك " السبع " الْمُتَوَلَّدِ مِنَ الذِّئْبِ وَالضَّبُعِ، تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْجَزَاءِ، اقْتَضَى أَنْ تَجِبَ الزَّكَاةُ فِيمَا تَوَلَّدَ مِمَّا فِيهِ الزَّكَاةُ وَمَا لَا زَكَاةَ فِيهِ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الزَّكَاةِ.
وَالدَّلَالَةُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ: هُوَ أنه متولد من خسيس لَيْسَ فِي أَحَدِهِمَا زَكَاةٌ بِحَالٍ، فَوَجَبَ أَنْ لا تكون فِيهِ زَكَاةٌ، أَصْلُهُ إِذَا كَانَتِ الْأُمَّهَاتُ ظِبَاءً وَالْفُحُولُ غَنَمًا، وَلَا يَدْخُلُ عَلَى ذَلِكَ الْمُتَوَلَّدُ مِنَ السَّائِمَةِ وَالْمَعْلُوفَةِ، لِأَنَّ الْمَعْلُوفَ جِنْسٌ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَلِأَنَّهُ إِذَا اجْتَمَعَ الْإِيجَابُ وَالْإِسْقَاطُ غَلَبَ حُكْمُ الْإِسْقَاطِ، كَمَا لَوْ عَلَفَهَا بَعْضَ الْحَوْلِ وَسَامَهَا الْبَعْضَ، وَلِأَنَّ الْخَيْلَ يُسْهَمُ لَهَا بِالْإِجْمَاعِ، وَتَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ عِنْدَ أبي حنيفة، وَالْحَمِيرُ لَا يُسْهَمُ لَهَا وَلَا زَكَاةَ فِيهَا، ثُمَّ الْبَغْلُ لَا يُسْهَمُ لَهُ وَلَا زَكَاةَ فِيهِ، اعْتِبَارًا بِحُكْمِ أَبِيهِ فِي الْإِسْقَاطِ، كَذَلِكَ فِيمَا تَوَلَّدَ مِنْ ظِبَاءٍ وَغَنَمٍ، وَبِهَذَا يَسْقُطُ جَمِيعُ مَا اعْتَبَرُوهُ مِنْ لُحُوقِ الْوَلَدِ بِحُكْمِ أُمِّهِ، ثُمَّ قَدْ يَتْبَعُ الْوَلَدُ أَبَاهُ أَيْضًا دون أمه في النسب، وقد يجمعه فِي الْإِسْلَامِ فَلَمْ يَكُنِ اتِّبَاعُ الْوَلَدِ لِأُمِّهِ فِي الْمِلْكِ دَالًّا عَلَى اتِّبَاعِهِ لَهَا فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهَا، وَأَمَّا مَا تَوَلَّدَ بَيْنَ مَعْلُوفَةٍ وَسَائِمَةٍ فَلِأَنَّ الْمَعْلُوفَةَ مِنْ جِنْسٍ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَالظِّبَاءَ لَا زَكَاةَ فِي شَيْءٍ مِنْ جِنْسِهَا، وَأَمَّا قَوْلُهُمْ إِنَّهُ لَمَّا غَلَبَ فِي الْجَزَاءِ الْإِثْبَاتُ دُونَ الْإِسْقَاطِ كَذَلِكَ فِي الزَّكَاةِ، فَبَاطِلٌ بِالْبَغْلِ غَلَبَ فِيهِ الْإِسْقَاطُ دُونَ الْإِثْبَاتِ، وذكر في الدرس جواباً آخر وإن ألحقناه بالصيد في وجوب الجزاء لقتله ألحقناه أيضاً في تحريم أَكْلِهِ فَوَقَفَ الدَّلِيلُ فِيهِ ثُمَّ لَا يَصِحُّ اعْتِبَارُ الزَّكَاةِ بِالْجَزَاءِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُمَا مَعْنًى جامع وبالله التوفيق.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute