قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ إِذَا مَلَكَ بِاخْتِيَارِهِ شِقْصًا مِمَّنْ يُعْتِقُ عَلَيْهِ بِالْمِلْكِ مِنْ وَالِدٍ أَوْ وَلَدٍ عَتَقَ مَا مَلَكَهُ مِنْهُ كَمَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ إِذَا مَلَكَهُ كُلَّهُ، وَكَانَ كَمَنْ أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ مِنْ عَبْدٍ، وَيُعْتَبَرُ حَالُهُ بَعْدَ عِتْقِ الشِّقْصِ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا لِقِيمَةِ بَاقِيهِ قُوِّمَ عَلَيْهِ، وَعَتَقَ جَمِيعُهُ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا بِهِ رَقَّ بَاقِيهِ لِمَالِكِهِ، وَكَانَ الْعِتْقُ بِالْمِلْكِ، وَإِنْ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِهِ جَارِيًا مَجْرَى عِتْقِ الْمُبَاشَرَةِ إِذَا تَلَفَّظَ بِهِ، وَسَوَاءٌ مَلَكَ الشِّقْصَ بِعَقْدِ مُعَاوَضَةٍ مِنْ بَيْعٍ أَوْ صُلْحٍ أَوْ مَلَكَهُ بِغَيْرِ مُعَاوَضَةٍ مِنْ هِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ، لِثُبُوتِ مِلْكِهِ فِي الْحَالَيْنِ، فَاسْتَوَيَا فِي وُقُوعِ الْعِتْقِ وَوُجُوبِ التَّقْوِيمِ، وَلَوْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ لَمْ يَصِحَّ أَنْ يَمْلِكَهُ بِعَقْدِ مُعَاوَضَةٍ، وَصَحَّ أَنْ يَمْلِكَهُ بِهِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ، وَيُعْتَقُ عَلَيْهِ مَا مَلَكَ مِنْهُ، وَفِي تَقْوِيمِ بَاقِيهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مُوسِرًا بِهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ بِالْحَجْرِ كَالْمُعْسِرِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُقَوَّمُ عَلَيْهِ لِاسْتِحْقَاقِهِ بِالشَّرْعِ كالنفقات وأروش الجنايات.
[مسألة]
قال الشافعي رضي الله عنه: (وَإِنْ وَرِثَ مِنْهُ شِقْصًا عَتَقَ وَلَمْ يُقَوَّمْ عَلَيْهِ وَإِنْ وُهِبَ لِصَبِيٍّ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ) .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهُوَ كَمَا قَالَ: لِأَنَّهُ يَمْلِكُ بِالْمِيرَاثِ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارٍ، فَعَتَقَ عَلَيْهِ مَا وَرِثَهُ مِنْهُ، لِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ، وَلَمْ يُقَوَّمْ عَلَيْهِ مَا بَقِيَ مِنْهُ لِعَدَمِ اخْتِيَارِهِ، كَمَنْ وَصَّى بِعِتْقِ عَبْدِهِ، وَخَرَجَ بَعْضُهُ مِنْ ثُلُثِهِ رَقَّ بَاقِيهِ لِوَرَثَتِهِ، وَلَمْ يُقَوَّمْ عَلَيْهِمْ فِي عِتْقِهِ. لِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهِمْ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِمْ. فَلَوِ ابْتَاعَ شِقْصًا مِنْ أَبِيهِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ أَبُوهُ، ثُمَّ عَلِمَ، عَتَقَ عَلَيْهِ مَا مَلَكَهُ مِنْهُ، وَقُوِّمَ عَلَيْهِ بَاقِيهِ، لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِاخْتِيَارِهِ، وَعَتَقَ عَلَيْهِ بِاخْتِيَارِهِ وَالتَّقْوِيمُ مُعْتَبَرٌ بِاخْتِيَارِ الْمِلْكِ وَلَا يُعْتَبَرُ بِاخْتِيَارِ الْعِتْقِ.
وَلَوْ غُنِمَ أَبُوهُ، وَهُوَ أَحَدُ شُرَكَاءِ غَانِمِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْغَنِيمَةِ غَيْرُ أَبِيهِ أَحَدٌ تَعَيَّنَ حَقُّهُ فِيهِ، فَيُنْظَرُ فَإِنْ بَاشَرَ غَنِيمَتَهُ عَتَقَ عَلَيْهِ سَهْمُهُ مِنْهُ، وَقُوِّمَ عَلَيْهِ بَاقِيهِ، لِأَنَّهُ قَدْ مَلَكَهُ بِاخْتِيَارِهِ، وَعَتَقَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ، وَإِنْ غَنِمَهُ شُرَكَاؤُهُ، وَلَمْ يُبَاشِرْ غَنِيمَتَهُ عَتَقَ عَلَيْهِ سَهْمُهُ، مِنْهُ، وَلَمْ يُقَوَّمْ عَلَيْهِ بَاقِيهِ، لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، وَعَتَقَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ.
وَإِنْ كَانَ فِي الْغَنِيمَةِ غَيْرُ أَبِيهِ، فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيمَا يَمْلِكُهُ الْغَانِمُونَ بِحُضُورِ الْوَقْعَةِ، وَإِجَازَةُ الْغَنَائِمِ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُمْ مَلَكُوا بِالْحُضُورِ أَنَّ يَتَمَلَّكُوا الْغَنِيمَةَ، وَلَا يَمْلِكُونَهَا إِلَّا بِالْقِسْمَةِ فَعَلَى هذا ينظر.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute