للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[مسألة]

: قال الشافعي رضي الله عنه: " ثُمَّ يَغْدُو إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ إِلَى عَرَفَةَ وَهُوَ عَلَى تَلْبِيَتِهِ فَإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ صَعِدَ الْإِمَامُ فَجَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَخَطَبَ الْخُطْبَةَ الْأُولَى فَإِذَا جَلَسَ أَخَذَ الْمُؤَذِّنُونَ فِي الْأَذَانِ وَأَخَذَ هو في الكلام وخفف الكلام الآخر حتى ينزل بِقَدْرِ فَرَاغِ الْمُؤَذِّنِ مِنَ الْأَذَانِ وَيُقِيمُ الْمُؤَذِّنُ وَيُصَلِّي الظُّهْرَ ثُمَّ يُقِيمُ فَيُصَلِّي الْعَصْرَ وَلَا يَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ إِذَا فَرَغَ الْإِمَامُ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ بِمِنًى فِي يوم عرفة وهو اليوم التاسع من ذِي الْحِجَّةِ غَدَا الْإِمَامُ وَمَنْ مَعَهُ بِمِنًى إِلَى عَرَفَةَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَدِ اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ فِي غُدُوِّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَةَ فَرَوَى بَعْضُهُمْ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَرَوَى بَعْضُهُمْ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَاخْتَارَ الشَّافِعِيُّ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ رِوَايَةً وَقد رُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ غَدَا إِلَى مِنًى بَعْدَ مَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ عَلَى ثَبِيرٍ وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ رِوَايَةُ مَنْ رَوَى أَنَّهُ غَدا قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَخْبَرَ عَنْ حَالِ عَرَفَةَ وَتَأَهُّبِهِ وَشَدِّ رَحْلِهِ وَمَنْ رَوَى بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَخْبَرَ عَنْ حَالِ سَيْرِهِ.

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأَخْتَارُ أَنْ يَسْلُكَ الطَّرِيقَ الَّتِي سَلَكَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في غدوه إلى عرفة وهي مِنْ مُزْدَلِفَةَ فِي أَصْلِ الْمَأْزِمَيْنِ عَلَى يَمِينِ الذَّاهِبِ إِلَى عَرَفَةَ يُقَالُ لَهُ طَرِيقُ ضَبٍّ وَيَكُونُ الْإِمَامُ وَالنَّاسُ عَلَى تَلْبِيَتِهِمْ ثُمَّ يَنْزِلُ بِنَمِرَةَ حَيْثُ نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَبْلَ عَرَفَةَ وَهُوَ مَنْزِلُ الْخُلَفَاءِ الْيَوْمَ وَهُوَ إِلَى الصَّخْرَةِ السَّاقِطَةِ بِأَصْلِ الْجَبَلِ عَلَى يَمِينِ الذَّاهِبِ إِلَى عَرَفَةَ فَهُنَاكَ نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأُلْقِيَ لَهُ عَلَى الصَّخْرَةِ ثَوْبٌ اسْتَظَلَّ بِهِ مِنْ حَرِّ الشَّمْسِ.

فَصْلٌ

: فَإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ تَوَجَّهَ إِلَى الْمُصَلَّى وَهُوَ مَسْجِدُ إِبْرَاهِيمَ فَخَطَبَ خُطْبَتَيْنِ قَبْلَ الصَّلَاةِ يَبْتَدِئُهُمَا بِالتَّلْبِيَةِ وَهَذِهِ الْخُطْبَةُ وَاجِبَةٌ بِفِعْلِهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ كَالْجُمُعَةِ وَهِيَ الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ فِي خُطَبِ الْحَجِّ وَيَكُونُ عَلَى مِنْبَرٍ إن وجد أَوْ عَلَى نَشْرٍ مِنَ الْأَرْضِ أَوْ عَلَى ظَهْرِ بَعِيرٍ وَقَدْ رَوَى شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غُنَيْمٍ عَنْ عَمْرِو بن خارجة قَالَ: شَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقَدْ خَطَبْنَا عَلَى رَاحِلَتِهِ بِعَرَفَةَ وَإِنَهَا لَتَقْصَعُ بحرها. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَصْعُ ضَمُّكَ الشَّيْءَ عَلَى الشي حَتَّى تَقْتُلَهُ أَوْ تُهَشِّمَهُ كَأَنَّهُ أَرَادَ بِقَصْعِ الحر شِدَّةَ الْمَضْغِ وَضَمَّ بَعْضِ الْأَسْنَانِ عَلَى بَعْضٍ والجزة ما تجتزه الْإِبِلُ فَتُخْرِجُهُ مِنْ أَجْوَافِهَا لِتَمْضُغَهُ ثُمَّ تَرُدَّهُ فِي أَكْرَاشِهَا وَقَدْ سَاقَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَجَّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَمَا فَعَلَهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَحَكَى خُطْبَتَهُ فَرَوَى جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَقُلْتُ أَخْبِرْنِي عَنْ حَجِّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَتَى عَرَفَةَ فَنَزَلَ بِهَا حَتَى إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ أَمَرَ بِالْقَصْوَى فَرُحِّلَتْ لَهُ فَرَكِبَ حَتَى أَتَى بَطْنَ الْوَادِي فَخَطَبَ النَّاسَ وَقَالَ: إِنَّ دمائكم وَأَمْوَالَكُمْ حرامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا أَلَا إِنَّ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ تَحْتَ قَدَمِي وَإِنَّ أَوَّلَ دمٍ أَضَعُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ دِمَاؤُنَا دَمُ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ كَانَ مُسْتَرْضَعًا في بني

<<  <  ج: ص:  >  >>