يَمِينِهِ وَالْآخَرُ عَنْ يَسَارِهِ فَصَلَاةُ جَمَاعَتِهِمْ جَائِزَةٌ، فَلَوْ أَمَّ رَجُلًا فَوَقَفَ عَلَى يَمِينِهِ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ لِيَأْتَمَّ بِهِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَتَأَخَّرَ الْمَأْمُومُ لِيَقِفَ هُوَ وَالْجَائِي صَفًّا، وَلَا يَتَقَدَّمُ الْإِمَامُ عَنْ مَوْقِفِهِ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَقَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ يَسَارِهِ إِلَى يَمِينِهِ وَلَمْ يَنْتَقِلْ هُوَ بِنَفْسِهِ، وَرُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يُصَلِّي وَحْدَهُ فَقُمْتُ عَنْ يَمِينِهِ، فَدَخَلَ أَبُو صَخْرٍ وَوَقَفَ عَنْ يَسَارِهِ، فَأَخَّرَنَا بِيَدَيْهِ حَتَّى صِرْنَا خَلْفَهُ، وَلِأَنَّ الْمَأْمُومَ تَابِعٌ وَالْإِمَامَ مَتْبُوعٌ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنَ انْتِقَالِ أَحَدِهِمَا فَالتَّابِعُ أَوْلَى
(فَصْلٌ)
: فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَمَّ امْرَأَةً وَحْدَهَا وَقَفَتْ خَلْفَهُ وَلَمْ تَقِفْ إِلَى جَنْبِهِ، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، " خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا وَشَرُّهَا آخِرُهَا، وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا " وَكَذَلِكَ لَوْ أَمَّ خُنْثَى مُشْكِلًا وَقَفَ خَلْفَهُ، فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَمَّ رَجُلًا وَامْرَأَةً وَقَفَ الرَّجُلُ عَنْ يَمِينِهِ وَالْمَرْأَةُ خَلْفَ الرَّجُلِ الْمَأْمُومِ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَمَّ أَنَسًا وَعَجُوزًا مُفْرَدَةً خَلْفَ أَنَسٍ، فَلَوْ أَمَّ رَجُلًا وَخُنْثَى وَامْرَأَةً وَقَفَ الرَّجُلُ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ وَالْخُنْثَى خَلْفَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةُ خَلْفَ الْخُنْثَى فَلَوْ أَمَّ رِجَالًا وَصِبْيَانًا فَأَصَحُّ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا أَنَّ الرِّجَالَ يَكُونُونَ أَمَامَ الصِّبْيَانِ، ثُمَّ يَقِفُ الصِّبْيَانُ خَلْفَ الرِّجَالِ، لِمَا رَوَى عَلْقَمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لِيَلِيَنِي مِنْكُمْ أَهْلُ الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى " وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْأَوْلَى أَنْ يَقِفَ كُلُّ صَبِيٍّ بَيْنَ رَجُلَيْنِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَدْعَى لَهُمْ إِلَى تَعْلِيمِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ، فَلَوْ أَمَّ رِجَالًا وَصِبْيَانًا وَخَنَاثَى وَنِسَاءً تَقَدَّمَ الرِّجَالُ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ، ثُمَّ بَعْدَهُمُ الصِّبْيَانُ، ثُمَّ بَعْدَ الصِّبْيَانِ الْخَنَاثَى، ثم بعدهم النساء
[(مسألة)]
: قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وركع أبو بكر وَحْدَهُ وَخَافَ أَنْ تَفُوتَهُ الرَّكْعَةُ، وَذَكَرَ ذَلِكَ للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْإِعَادَةِ "
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ إِذَا اصْطَفَّ النَّاسُ خَلْفَ إِمَامِهِمْ فِي الصَّلَاةِ، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ الدُّخُولَ مَعَهُمْ، فَالْمُخْتَارُ لَهُ أَنْ يَقِفَ فِي صَفِّهِمْ وَيَجْذِبَ إِلَيْهِ فَيَقِفَانِ جَمِيعًا خَلْفَهُ، فَإِنْ أَبَى وَوَقَفَ وَحْدَهُ مُنْفَرِدًا فَقَدْ أَسَاءَ وَصَلَاتُهُ مُجْزِئَةٌ، وَبِهِ قَالَ أبو حنيفة وَفُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ لَا تصح صلاته إذا انفرد تعلقاً برواية أبي سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute